للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَيْ صُفُوفًا، وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ؟ أَيِ الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ.

قَوْلُهُ: ﴿فَأَوْجَسَ﴾ أَضْمَرَ خَوْفًا فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ خفيةٍ لِكَسْرَةِ الْخَاءِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أَيْ فَأَضْمَرَ مِنْهُمْ خِيفَةً أَيْ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الْوَاوُ فَصَارَتْ يَاءً مِنْ أَجْلِ كَسْرَةِ الْخَاءِ. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ لَا يَلِيقُ بِجَلَالَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ رَأَى فِيهِ مَا يُخَالِفُ اصْطِلَاحَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ عِلْمِ التَّصْرِيفِ فَقَالَ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا فِي مِثْلِ هَذَا أَصْلُ خِيفَةٍ خَوْفَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَوْنِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ، وَمَا عُرِفَ أَنَّهُ كَلَامُ أَحَدِ الرُّءُوسِ الْعُلَمَاءِ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى الْبَصْرِيُّ.

قَوْلُهُ: ﴿فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ عَلَى جُذُوعِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

هُمْ صَلَبُوا الْعَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ،

وَقَالَ: إِنَّمَا جَاءَ عَلَى مَوْضِعٍ فِي إِشَارَةٍ لِبَيَانِ شِدَّةِ التَّمَكُّنِ فِي الظَّرْفِيَّةِ.

قَوْلُهُ: ﴿خَطْبُكَ﴾ بَالُكَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ﴾ أَيْ مَا بَالُكَ وَشَأْنُكَ؟ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَا عَجَبًا مَا خَطْبُهُ وَخَطْبِي،

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ﴾ قَالَ: مَا لَكَ يَا سَامِرِيُّ، وَاسْمُ السَّامِرِيِّ الْمَذْكُورِ يَأْتِي.

قَوْلُهُ: ﴿مِسَاسَ﴾ مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا) قَالَ الْفَرَّاءُ.

قَوْلُهُ: ﴿لا مِسَاسَ﴾ أَيْ لَا أَمَسُّ وَلَا أُمَسُّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مُوسَى أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُؤَاكِلُوهُ وَلَا يُخَالِطُوهُ، وَقُرِئَ لَا مَسَاسَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهِيَ لُغَةٌ فَاشِيَةٌ، وَاسْمُ السَّامِرِيِّ مُوسَى بْنُ طفر وَكَانَ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا مِسَاسَ﴾ إِذَا كَسَرْتَ الْمِيمَ جَازَ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ وَالْجَرُّ بِالتَّنْوِينِ، وَجَاءَتْ هُنَا مَنْفِيَّةً فَفُتِحَتْ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، قَالَ النَّابِغَةُ:

فَأَصْبَحَ مِنْ ذَاكَ كَالسَّامِرِيِّ … إِذْ قَالَ مُوسَى لَهُ لَا مِسَاسَا

قَالَ: وَالْمُمَاسَّةُ وَالْمُخَالَطَةُ وَاحِدٌ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا اسْمًا فَكَسَرَ آخِرَهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تَمِيمٌ كَرَهْطِ السَّامِرِيِّ وَقَوْلُهُ … أَلَا لَا مُرِيدَ السَّامِرِيِّ مِسَاسِ

أَجْرَاهَا مَجْرَى قِطَامٍ وَحِزَامِ.

قَوْلُهُ: ﴿لَنَنْسِفَنَّهُ﴾ لَنُذْرِيَنَّهُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ يَقُولُ لَنُذْرِيَنَّهُ فِي الْبَحْرِ.

قَوْلُهُ: (الضَّحَاءُ الْحَرُّ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى﴾ أَيْ لَا تَعْطَشُ وَلَا تَضْحَى لِلشَّمْسِ فَتَجِدَ الْحَرَّ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يُصِيبُكَ فِيهَا عَطَشٌ وَلَا حَرٌّ. قُلْتُ: وَهَذَا الْمَوْضِعُ وَقَعَ اسْتِطْرَادًا، وَإِلَّا فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِقِصَّةِ مُوسَى .

قَوْلُهُ: ﴿قُصِّيهِ﴾ اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَقُصَّ الْكَلَامَ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ أَيِ اتَّبِعِي أَثَرَهُ تَقُولُ: قَصَصْتُ آثَارَ الْقَوْمِ، وَأَمَّا الثَّانِي فهُوَ مِنْ قِبَلِ الْمُصَنِّفِ. وَأُخْتُ مُوسَى اسْمُهَا مَرْيَمُ وَافَقَتْهَا فِي ذَلِكَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَالِدَةُ عِيسَى .

قَوْلُهُ: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنِ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ قَالَ: عَنْ بُعْدٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾ أَيْ عَنْ بُعْدٍ وَتَجَنُّبٍ، وَيُقَالُ مَا تَأْتِينَا إِلَّا عَنْ جَنَابَةٍ وَعَنْ جُنُبٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَا تَحْرِمَنِّي نَائِلًا عَنْ جَنَابَةٍ … فَإِنِّي امْرُؤٌ وَسْطَ الْقِبَابِ غَرِيبُ وَفِي حَدِيثِ الْقُنُوتِ الطَّوِيلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْجُنُبُ أَنْ يَسْمُوَ بَصَرُ الْإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ لَمْ