أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ، ﴿لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوْ كَانَ صَبَرَ يقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِي سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ، وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِي؟ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى ﵉ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَسَيَأْتِي أَوَّلُهُمَا بِأَتَمَّ مِنْ سِيَاقِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَنَسْتَوْفِي شَرْحَهُ هُنَاكَ، وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي خَاصَّةً عَنِ الْفَرَبْرِيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
٣٤٠٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبِهَانِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ.
قال الحموي: قال محمد بن يوسف بن مطر الفربري: حدثنا علي بن خشرم عن سفيان بطوله.
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ، وَتَعَلُّقُهُ بِالْبَابِ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ ذِكْرِ الْخَضِرِ فِيهِ، وَقَدْ زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: الْفَرْوُ الْحَشِيشُ الْأَبْيَضُ وَمَا أَشْبَهَهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ: أَظُنُّ هَذَا تَفْسِيرًا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِذَلِكَ عِيَاضٌ. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: الْفَرْوَةُ مِنَ الْأَرْضِ قِطْعَةٌ يَابِسَةٌ مِنْ حَشِيشٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَعَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: الْفَرْوَةُ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَيْسَ فِيهَا نَبَاتٌ، وَبِهَذَا جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَحُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ الْخَضِرُ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ.
وَالْخَضِرُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي اسْمِ أَبِيهِ وَفِي نَسَبِهِ وَفِي نُبُوَّتِهِ وَفِي تَعْمِيرِهِ، فَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: هُوَ بَلْيَا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ، وَوُجِدَ بِخَطِّ الدِّمْيَاطِيِّ فِي أَوَّلِ الِاسْمِ بِنُقْطَتَيْنِ، وَقِيلَ: كَالْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ، وَقِيلَ اسْمُهُ إِلْيَاسُ، وَقِيلَ الْيَسَعُ، وَقِيلَ عَامِرٌ، وَقِيلَ خَضِرُونُ - وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ - ابْنُ مَلْكَانَ بْنِ فَالِغَ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَشْخَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، فَعَلَى هَذَا فَمَوْلِدُهُ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ ابْنَ عَمِّ جَدِّ إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ حَكَى الثَّعْلَبِيُّ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْخَلِيلِ أَوْ بَعْدَهُ، قَالَ وَهْبٌ: وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ ابْنُ آدَمَ لِصُلْبِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ، وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتانِيُّ فِي الْمُعَمَّرِينَ أَنَّهُ ابْنُ قَابِيلَ بْنِ آدَمَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ أرْمِيَا بْنُ طَيْفَاءَ حَكَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ، وَأرْمِيَا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَقِيلَ بِضَمِّهِ وَأَشْبَعَهَا بَعْضُهُمْ وَاوًا، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ فَقِيلَ مَلْكَانُ وَقِيلَ كَلْمَانُ وَقِيلَ عَامِيلُ وَقِيلَ قَابِلُ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيسٍ: هُوَ الْمَعْمَرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute