للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نَصْرِ بْنِ الْأَزْدِ، وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ كَانَ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَعَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ كَانَ ابْنَ فِرْعَوْنَ نَفْسِهِ، وَقِيلَ ابْنُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَقِيلَ: اسْمُهُ خَضِرُونُ بْنُ عَايِيلَ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ

إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: كَانَ أَبُوهُ فَارِسِيًّا، رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ، وَحَكَى ابْنُ ظَفَرٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ بَعْضِ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فَلَا يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَالَ: مُدَّ لِلْخَضِرِ فِي أَجَلِهِ حَتَّى يُكَذِّبَ الدَّجَّالَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ فِي قِصَّةِ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ ثُمَّ يُحْيِيهِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ الْخَضِرُ. وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ آدَمَ أَخْبَرَ بَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَمْرِ الطُّوفَانِ، وَدَعَا لِمَنْ يَحْفَظُ جَسَدَهُ بِالتَّعْمِيرِ حَتَّى يَدْفِنَهُ، فَجَمَعَ نُوحٌ بَنِيهِ لَمَّا وَقَعَ الطُّوفَانُ وَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ فَحَفِظُوهُ، حَتَّى كَانَ الَّذِي تَوَلَّى دَفْنَهُ الْخَضِرُ. وَرَوَى خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى شَيْءٍ يُطَوِّلُ بِهِ عُمُرَهُ، فَدَلَّهُ عَلَى عَيْنِ الْحَيَاةِ وَهِيَ دَاخِلُ الظُّلْمَةِ، فَسَارَ إِلَيْهَا وَالْخَضِرُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فَظَفِرَ بِهَا الْخَضِرُ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءٌ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ: اثْنَانِ فِي الْأَرْضِ الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ، وَاثْنَانِ فِي السَّمَاءِ إِدْرِيسُ وَعِيسَى.

وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ الْبَغَوِيُّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ نَبِيٌّ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ رَسُولٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْقُشَيرِيُّ هُوَ وَلِيٌّ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ الْخَضِرُ فِي أَيَّامِ أَفْرِيدُونَ فِي قَوْلِ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَكْبَرِ. وَأَخْرَجَ النَّقَّاشُ أَخْبَارًا كَثِيرَةً تَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ لَا تَقُومُ بِشَيْءٍ مِنْهَا حُجَّةٌ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا لَكَانَ لَهُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ظُهُورٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ مُعَمِّرٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ، مَحْجُوبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ. قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِينَ يُرْفَعُ الْقُرْآنُ. وقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ نَبِيٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَتَعَلَّمُ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَاطِنِ لَا يَطِّلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هُوَ حَيٌّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْعَامَّةِ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَذَّ بِإِنْكَارِهِ بَعْضَ الْمُحَدِّثِينَ. وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَزَادَ أَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ، وَحِكَايَاتُهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ انْتَهَى.

وَالَّذِي جَزَمَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ الْآنَ الْبُخَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُنَادَى، وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْعَبَّادِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، وَطَائِفَةٌ، وَعُمْدَتُهُمُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ: لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَرَادَ بِذَلِكَ انْخِرَامُ قَرْنِهِ. وَأَجَابَ مَنْ أَثْبَتَ حَيَاتَهُ بِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ، أَوْ هُوَ مَخْصُوصٌ مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا خُصَّ مِنْهُ إِبْلِيسُ بِالِاتِّفَاقِ. وَمِنْ حُجَجِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ وَلَا قَاتَلَ مَعَهُ، وَقَدْ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ، فَلَوْ كَانَ الْخَضِرُ مَوْجُودًا لَمْ يَصِحَّ هَذَا النَّفْيُ. وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْنَا لَوْ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، فَلَوْ كَانَ الْخَضِرُ مَوْجُودًا لَمَا حَسُنَ هَذَا التَّمَنِّي وَلَأَحْضَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَرَاهُ الْعَجَائِبَ وَكَانَ أَدْعَى لِإِيمَانِ الْكَفَرَةِ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْكِتَابِ.

وَجَاءَ فِي اجْتِمَاعِهِ مَعَ النَّبِيِّ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ