للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زَجَرْتُ الْإِبِلَ أَيْ ضَرَبْتُهَا بِالْمِنْسَأَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ﴾ يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ حُبًّا لَهَا، وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: كَشَفَ عَرَاقِيبَهَا وَضَرَبَ أَعْنَاقَهَا، وَقَالَ: لَا تَشْغَلُنِي عَنْ عِبَادَةِ رَبِّي مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ مَسَحَ عِلَاوَتَهُ إِذَا ضَرَبَ عُنُقَهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (الْأَصْفَادُ الْوَثَاقُ) رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ﴾ أَيْ يَجْمَعُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْعُنُقِ بِالْأَغْلَالِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْأَصْفَادُ الْأَغْلَالُ وَاحِدُهَا صَفَدٌ، وَيُقَالُ لِلْغِطَاءِ أَيْضًا صَفَدٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّافِنَاتُ، صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ: صَفَنَ الْفَرَسُ إِلَخْ، لَكِنْ قَالَ يَدَيْهِ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الْبُخَارِيِّ رِجْلَيْهِ وَصَوَّبَ عِيَاضٌ مَا عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الصَّافِنُ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَثْنِي مُقَدَّمَ حَافِرِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (الْجِيَادُ السِّرَاعُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَيْضًا. رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ عِشْرِينَ فَرَسًا ذَوَاتَ أَجْنِحَةٍ.

قَوْلُهُ: (جَسَدًا شَيْطَانًا) قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قَالَ: شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ آصِفُ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ كَيْفَ تَفْتِنُ النَّاسَ؟ قَالَ أَرِنِي خَاتَمَكَ أُخْبِرْكَ، فَأَعْطَاهُ، فَنَبَذَهُ آصِفُ فِي الْبَحْرِ فَسَاخَ، فَذَهَبَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ وَقَعَدَ آصِفُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَمَنَعَهُ اللَّهُ نِسَاءَ سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَقْرَبْهُنَّ، فَأَنْكَرَتْهُ أُمُّ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَسْتَطْعِمُ وَيُعَرِّفُهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُكَذِّبُونَهُ حَتَّى أَعْطَتْهُ امْرَأَةٌ حُوتًا فَطَيَّبَ بَطْنَهُ فَوَجَدَ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِهِ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، وَفَرَّ آصِفُ فَدَخَلَ الْبَحْرَ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ اسْمَهُ آصِرُ آخِرُهُ رَاءٌ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اسْمَ الْجِنِّيِّ صَخْرٌ، وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَ الْقِصَّةَ مِنْ طَرِيقِهِ مُطَوَّلَةً، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ آصِفَ اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (رُخَاءً طَيِّبَةً) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ طَيِّبًا رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: رُخَاءً قَالَ طَيِّبَةً.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ أَصَابَ حَيْثُ شَاءَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَامْنُنْ أَعْطِ، بِغَيْرِ حِسَابٍ بِغَيْرِ حَرَجٍ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: بِغَيْرِ حِسَابٍ أَيْ بِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَا جَزَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ مِنَّةٍ وَلَا قِلَّةٍ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفَلُّتِ الْعِفْرِيتِ عَلَى النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (تَفَلَّتَ عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ تَعَرَّضَ لِي فَلْتَةً أَيْ بَغْتَةً.

قَوْلُهُ: (الْبَارِحَةَ) أَيِ اللَّيْلَةَ الْخَالِيَةَ الزَّائِلَةَ، وَالْبَارِحُ الزَّائِلُ، وَيُقَالُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ الْبَارِحَةُ.

قَوْلُهُ: (فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ) أَيْ قَوْلَهُ: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ وَفِي هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرَكَهُ رِعَايَةً لِسُلَيْمَانَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ خُصُوصِيَّةُ سُلَيْمَانَ اسْتِخْدَامَ الْجِنِّ فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُهُ لَا فِي هَذَا الْقَدْرِ فَقَطْ، وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ سُلَيْمَانَ كَانُوا يَرَوْنَ الْجِنَّ فِي أَشْكَالِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ حَالَ تَصَرُّفِهِمْ، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ فَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ أَحْوَالِ بَنِي آدَمَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ نَفْيَ رُؤْيَةِ الْإِنْسِ لِلْجِنِّ عَلَى هَيْئَتِهِمْ لَيْسَ بِقَاطِعٍ مِنَ الْآيَةِ بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُمْكِنٌ، فَإِنَّ نَفْيَ رُؤْيَتِنَا إِيَّاهُمْ مُقَيَّدٌ بِحَالِ رُؤْيَتِهِمْ لَنَا وَلَا يَنْفِي إِمْكَانَ رُؤْيَتِنَا لَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ. وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَرَى الْجِنَّ أَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهُ زَبَانِيَةٌ) الزَّبَانِيَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ أَصْحَابِ الشُّرْطَةِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ،