للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَوَاحِدُ الزَّبَانِيَةِ زِبْنِيَةٌ وَقِيلَ: زَبْنِيٌّ وَقِيلَ: زَابِنٌ وَقِيلَ: زَبَانِيٌّ وَقَالَ قَوْمٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقِيلَ وَاحِدُهُ زِبْنِيتٌ وَزْنُ عِفْرِيتٍ، وَيُقَالُ عِفْرِيَةٌ لُغَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِفْرِيتٍ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: مِثْلُ زِبْنِيَةٍ أَيْ أَنَّهُ قِيلَ فِي عِفْرِيتٍ عِفْرِيَةٌ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ رُوِيَتْ فِي الشَّوَاذِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَأَبِي السِّمَالِ بِالْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ فِي أثْرِ عِفْرِيَةٍ … مُصَوِّبٌ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ بَيَانِ أَحْوَالِ الْجِنِّ فِي بَابِ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْجِنُّ عَلَى مَرَاتِبٌ، فَالْأَصْلُ جِنِّيٌّ، فَإِنْ خَالَطَ الْإِنْسَ قِيلَ: عَامِرٌ، وَمَنْ تَعَرَّضَ مِنْهُمْ لِلصِّبْيَانِ قِيلَ: أَرْوَاحٌ، وَمَنْ زَادَ فِي الْخُبْثِ قِيلَ شَيْطَانٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ: مَارِدٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ: عِفْرِيتٌ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْعِفْرِيتُ مِنَ الْجِنِّ هُوَ الْعَارِمُ الْخَبِيثُ، وَإِذَا بُولِغَ فِيهِ قِيلَ عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْعِفْرِيتُ الْمُوثَقُ الْخَلْقِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَفَرِ وَهُوَ التُّرَابُ، وَرَجُلٌ عِفِرٌّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذَا بُولِغَ فِيهِ قيلَ عِفْرِيتٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذ ابُولِغَ فِيهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الْحِزَامِيُّ وَلَيْسَ بِالْمَخْزُومِيِّ، وَاسْمُ جَدِّ الْحِزَامِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ حِزَامٍ، وَاسْمُ جَدِّ الْمَخْزُومِيِّ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لَأَطَّوَّفَنَّ اللَّيْلَةَ) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي لَأُطِيفَنَّ وَهُمَا لُغَتَانِ. طَافَ بِالشَّيْءِ وَأَطَافَ بِهِ إِذَا دَارَ حَوْلَهُ وَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ، وَاللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ وَهُوَ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَاللَّهِ لَأَطَّوَّفَنَّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ قَسَمٍ، وَالْقَسَمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُقْسَمٍ بِهِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً) كَذَا هُنَا مِنْ رِوَايَةِ مُغِيرَةَ، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ فَقَالَ تِسْعِينَ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَجَّحَ تِسْعِينَ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ عَلَى سَبْعِينَ وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ رَوَاهُ كَذَلِكَ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فَقَالَ: سَبْعِينَ وَسَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ مِنْ طَرِيقِهِ.

وَلَكِنْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ: سَبْعِينَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ، وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مِائَةِ امْرَأَةٍ وَكَذَا قَالَ طَاوُسٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ تِسْعِينَ وَسَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَقَالَ: سَبْعِينَ، وَسَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: مِائَةُ امْرَأَةٍ وَكَذَا قَالَ عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ فَقَالَ: مِائَةُ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ عَلَى الشَّكِّ، فَمُحَصَّلُ الرِّوَايَاتِ سِتُّونَ وَسَبْعُونَ وَتِسْعُونَ وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ وَمِائَةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا أَنَّ السِّتِّينَ كُنَّ حَرَائِرَ وَمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ سِرَارِيَ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَأَمَّا السَّبْعُونَ فَلِلْمُبَالَغَةِ، وَأَمَّا التِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ فَكُنَّ دُونَ الْمِائَةِ وَفَوْقَ التِّسْعِينَ فَمَنْ قَالَ تِسْعُونَ أَلْغَى الْكَسْرَ وَمَنْ قَالَ مِائَةً جَبَرَهُ وَمَنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْقَلِيلِ نَفْيُ الْكَثِيرِ وَهُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ

وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَيْسَ بِكَافٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ كَثِيرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ حَكَى وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي الْمُبْتَدَا أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَانَ أَلْفُ امْرَأَةٍ ثَلَاثُمِائَةٍ مَهِيرَةٌ وَسَبْعُمِائَةِ سَرِيَّةٌ،