الْأَشْعَرِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ. كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.
٣٤٣٤ - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ". تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث ٣٤٣٤ - طرفاه في: ٥٠٨٢، ٥٣٦٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْوَاوُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا هَذِهِ فَبِغَيْرِ وَاوٍ.
قَوْلُهُ: (يَبْشُرُكِ وَيُبَشِّرُكِ وَاحِدٌ) يَعْنِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ، وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْأُولَى وَهِيَ بِالتَّخْفِيفِ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ، وَالْبَشِيرُ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ الْمَرْءَ بِمَا يَسُرُّهُ مِنْ خَيْرٍ، وَقَدْ يُطْلَقُ فِي الشَّرِّ مَجَازًا.
قَوْلُهُ: وَجِيهًا أَيْ (شَرِيفًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَجِيهُ الَّذِي يَشْرُفُ وَتُوَجِّهُهُ الْمُلُوكُ أَيْ تُشَرِّفُهُ، وَانْتَصَبَ قَوْلُهُ: وَجِيهًا عَلَى الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ) وَصَلَهُ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رِوَايَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ النَّخَعِيُّ قَالَ: الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: مُرَادُ إِبْرَاهِيمَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ مَسَحَهُ فَطَهَّرَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. قُلْتُ: وَهَذَا بِخِلَافِ تَسْمِيَةِ الدَّجَّالِ الْمَسِيحَ فَإِنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ يُقَالُ إِنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَمْسَحُ الْأَرْضَ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ فَهُوَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، قِيلَ فِي الْمَسِيحِ عِيسَى أَيْضًا إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَسْحِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ، وَيُقَالُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مُسِحَ بِدُهْنِ الْبَرَكَةِ مَسَحَهُ زَكَرِيَّا وَقِيلَ: يَحْيَى، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوحَ الْأَخْمَصَيْنِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ جَمِيلًا. يُقَالُ: مَسَحَهُ اللَّهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ بِهِ مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْمُسُوحَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَهْلُ الْحَلِيمُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قَال: الْكَهْلُ الْحَلِيمُ انْتَهَى، وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: إِنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا الْكَهْلُ عِنْدَهُمْ مَنْ نَاهَزَ الْأَرْبَعِينَ أَوْ قَارَبَهَا، وَقِيلَ: مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ وَقِيلَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُجَاهِدًا فَسَّرَهُ بِلَازِمِهِ الْغَالِبِ، لِأَنَّ الْكَهْلَ غَالِبًا يَكُونُ فِيهِ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: وَكَهْلًا هَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَجِيهًا أَوْ هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُكَلِّمُ أَيْ يُكَلِّمُهُمْ صَغِيرًا وَكَهْلًا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَّجِهُ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ.
قَوْلُهُ: (الْأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ يُولَدُ أَعْمَى) أَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ تَفَرَّدَ بِهِ مُجَاهِدٌ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَعْشَى. وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ فَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَخْرَجَهُ