للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَحْمَدَ: يَقُولُونَ سَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ، زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ، وَهِيَ تَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ: يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِي وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ، وَيَقُولُونَ لَهَا تَسْرِقُ وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خِلَاسٍ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حَبَشِيَّةً أَوْ زِنْجِيَّةً، وَأَنَّهَا مَاتَتْ فَجَرُّوهَا حَتَّى أَلْقَوْهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ تُجَرَّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ نُفُوسَ أَهْلِ الدُّنْيَا تَقِفُ مَعَ الْخَيَالِ الظَّاهِرِ فَتَخَافُ سُوءَ الْحَالِ، بِخِلَافِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ فَوُقُوفُهُمْ مَعَ الْحَقِيقَةِ الْبَاطِنَةِ فَلَا يُبَالُونَ بِذَلِكَ مَعَ حُسْنِ السَّرِيرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ أَصْحَابِ قَارُونَ حَيْثُ خَرَجَ عَلَيْهِمْ: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ وَفِيهِ أَنَّ الْبَشَرَ طُبِعُوا عَلَى إِيثَارِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْأَنْفُسِ بِالْخَيْرِ لِطَلَبِ الْمَرْأَةِ الْخَيْرَ لِابْنِهَا وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهُ وَلَمْ تَذْكُرْ نَفْسَهَا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذِكْرِ مُوسَى وَعِيسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مُوسَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ زَادَ هُنَا إِسْنَادًا آخَرَ فَقَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ وَهُوَ ابْنُ غَيْلَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِهِ، وَكَانَ سَاقَهُ هُنَاكَ عَلَى لَفْظِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا رَجُلٌ حَسِبْتُهُ قَالَ مُضْطَرِبٌ الْقَائِلُ حَسِبْتُهُ هُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْمُضْطَرِبُ الطَّوِيلُ غَيْرُ الشَّدِيدِ، وَقِيلَ الْخَفِيفُ اللَّحْمِ، وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ بِلَفْظِ ضَرْبٌ وَفُسِّرَ بِالنَّحِيفِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذَا الْوَصْفُ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا أنَّهُ جَسِيمٌ يَعْنِي فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ، وَقَالَ: وَالَّذِي وَقَعَ نَعْتُهُ بِأَنَّهُ جَسِيمٌ إِنَّمَا هُوَ الدَّجَّالُ. وَقَالَ عِيَاضٌ: رِوَايَةُ مَنْ قَالَ ضَرْبٌ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ مُضْطَرِبٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الشَّكِّ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى جَسِيمٌ وَهُوَ ضِدُّ الضَّرْبِ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْجَسِيمِ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ، وَقَالَ التَّيْمِيُّ: لَعَلَّ بَعْضَ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ دَخَلَ فِي بَعْضٍ، لِأَنَّ الْجَسِيمَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ لَا فِي صِفَةِ مُوسَى انْتَهَى.

وَالَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مَا جَوَّزَهُ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَسِيمِ فِي صِفَةِ مُوسَى الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ: كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ وَهُمْ طِوَالٌ غَيْرُ غِلَاظٍ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ رَأَيْتُ مُوسَى جَعْدًا طُوَالًا وَاسْتَنْكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: لَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا لِأَنَّ الطَّوِيلَ لَا يُوصَفُ بِالْجَعْدِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْجُعُودَةُ فِي صِفَةِ مُوسَى جُعُودَةُ الْجِسْمِ وَهُوَ اكْتِنَازُهُ وَاجْتِمَاعُهُ لَا جُعُودَةُ الشَّعْرِ لِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّهُ كَانَ رَجِلَ الشَّعْرِ.

قَوْلُهُ فِي صِفَةِ عِيسَى: (رَبْعَةٌ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَهُوَ الْمَرْبُوعُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَوِيلٍ جِدًّا وَلَا قَصِيرٍ جِدًّا بَلْ وَسَطٌ، وَقَوْلُهُ: مِنْ دِيمَاسٍ هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ.

قَوْلُهُ: (يَعْنِي الْحَمَّامَ) هُوَ تَفْسِيرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، وَالدِّيمَاسُ فِي اللُّغَةِ السِّرْبُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْكِنِّ، وَالْحَمَّامُ مِنْ جُمْلَةِ الْكِنِّ. والْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ وَصْفُهُ بِصَفَاءِ اللَّوْنِ وَنَضَارَةِ الْجِسْمِ وَكَثْرَةِ مَاءِ الْوَجْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعِ كِنٍّ فَخَرَجَ مِنْهُ وَهُوَ عَرْقَانُ، وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ هَذَا: يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يُرَادَ الْحَقِيقَةُ، وَأَنَّهُ عَرِقَ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ مِنْ رَأْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ مَزِيدِ نَضَارَةِ وَجْهِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ: يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ.

قَوْلُهُ: (وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ عَلَى الْإِسْرَاءِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ) هُوَ الثَّقَفِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَبُو ذَرٍّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ: كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الْمَسْمُوعَةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: وَلَا