للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَظْهَرُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَخُصُّ الْكِتَابِيَّ الَّذِي يُدْرِكُ نُزُولَ عِيسَى، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ عُمُومُهُ فِي كُلِّ كِتَابِيٍّ فِي زَمَنِ نُزُولِ عِيسَى وَقَبْلَهُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ عِيسَى دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الرَّدُّ عَلَى الْيَهُودِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى كَذِبَهُمْ وَأَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ، أَوْ نُزُولُهُ لِدُنُوِّ أَجَلِهِ لِيُدْفَنَ فِي الْأَرْضِ، إِذْ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ مِنَ التُّرَابِ أَنْ يَمُوتَ فِي غَيْرِهَا. وَقِيلَ: إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ لَمَّا رَأَى صِفَةَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْهُمْ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَأَبْقَاهُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مُجَدِّدًا لِأَمْرِ الْإِسْلَامِ، فَيُوَافِقُ خُرُوجَ الدَّجَّالِ، فَيَقْتُلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي مُدَّةِ إِقَامَةِ عِيسَى بِالْأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ أَنَّهَا سَبْعُ سِنِينَ، وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عِيسَى إِذْ ذَاكَ يَتَزَوَّجُ فِي الْأَرْضِ وَيُقِيمُ بِهَا تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبِإِسْنَادٍ فِيهِ مُبْهَمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُقِيمُ بِهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ يَنْزِلُ عِيسَى عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ وَتَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ - وَقَالَ فِي آخِرِهِ - ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَرَوَى أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حَنْظَلَةَ بْنَ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: يَنْزِلُ عِيسَى فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيُمْحِي الصَّلِيبَ وَتُجْمَعُ لَهُ الصَّلَاةُ وَيُعْطِي الْمَالَ حَتَّى لَا يُقْبَلَ وَيَضَعُ الْخَرَاجَ، وَيَنْزِلُ الرَّوْحَاءَ فَيَحُجُّ مِنْهَا أَوْ يَعْتَمِرُ أَوْ يَجْمَعُهُمَا، وَتَلَا أَبُو هُرَيْرَةَ ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ الْآيَةَ. قَالَ حَنْظَلَةُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يُؤْمِنُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَوْتِ عِيسَى Object قَبْلَ رَفْعِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ﴾ فَقِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ وَمَضَتِ الْمُدَّةُ الْمُقَدَّرَةُ لَهُ يَمُوتُ ثَانِيًا. وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: (مُتَوَفِّيكَ) مِنَ الْأَرْضِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَمُوتُ إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ. وَاخْتُلِفَ فِي عُمُرِهِ حِينَ رُفِعَ فَقِيلَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَيَّاشٍ الْأَقْرَعُ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ غِفَارٍ وَقِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ. قُلْتُ: وَلَيْسَ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.

قَوْلُهُ: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ) سَقَطَ قَوْلُهُ: فِيكُمْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ) يَعْنِي تَابَعَا يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَأَمَّا مُتَابَعَةُ عُقَيْلٍ فَوَصَلَهَا ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ مِثْلُ سِيَاقِ أَبِي ذَرٍّ سَوَاءٌ، وَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْأَوْزَاعِيِّ فَوَصَلَهَا ابْنُ مَنْدَهْ أَيْضًا وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ مِثْلُ رِوَايَةِ يُونُسَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظِ وَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: إِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ حَدَّثَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: أَتَدْرِي مَا أَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِي؟ قَالَ: فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ بِلَفْظِ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِ عِيسَى وَإِذَا هُمْ بِعِيسَى، فَيُقَالُ تَقَدَّمَ يَا رُوحَ اللَّهِ، فَيَقُولُ لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ. وَلِابْنِ مَاجَهْ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الطَّوِيلِ فِي الدَّجَّالِ قَالَ: وَكُلُّهُمْ، أَيِ الْمُسْلِمُونَ، بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ قَدْ تَقَدَّمَ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ، إِذْ نَزَلَ عِيسَى فَرَجَعَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى، فَيَقِفُ عِيسَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: تَقَدَّمْ فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْخَسْعِيُّ الْأبِدِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ: تَوَاتَرَتِ