للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْجِيمِ وَالزَّايِ وَالْفَاءِ. وَفِي أُخْرَى بِالْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ، وَكِلَاهُمَا تَصْحِيفٌ لَا يَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا قِصَّةُ الَّذِي أَوْصَى بَنِيهِ أَنْ يُحَرِّقُوهُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مُفْرَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَامْتُحِشَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ أَيِ احْتَرَقَتْ، وَلِبَعْضِهِمْ بِوَزْنِ احْتَرَقَتْ وَهُوَ أَشْبَهُ. وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا) أَيْ شَدِيدَ الرِّيحِ.

قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: (قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَنَا سَمِعْتُهُ) يَعْنِي النَّبِيَّ (يَقُولُ ذَاكَ، وَكَانَ نَبَّاشًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو مَسْعُودٍ هُوَ الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ فَقَطْ، لَكِنْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْجَمِيعَ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَ فِي الْفِتَنِ قِصَّةَ الَّذِي كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَأَنَا سَمِعْتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي حَدِيثِ الَّذِي أَوْصَى بَنِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ نَبَّاشًا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ زِيَادَةِ أَبِي مَسْعُودٍ فِي الْحَدِيثِ، لَكِنْ أَوْرَدَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ كَانَ نَبَّاشًا، فَقَالَ لِوَلَدِهِ: أَحْرِقُونِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانَ نَبَّاشًا مِنْ رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ مَعًا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ بَيْنَمَا حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ جَالِسَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يَنْبُشُ الْقُبُورَ فَذَكَرَهُ، وَعَرَفَ مِنْهَا وَجْهَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ.

الحديث الثاني.

قَوْلُهُ: (لَمَّا نُزِلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ بِفَتْحَتَيْنِ (بِرَسُولِ اللَّهِ يَعْنِي الْمَوْتَ أَوْ مَلَكَ الْمَوْتِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ فِي مُسْلِمٍ لِلْأَكْثَرِ بِالضَّمِّ، فِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ يَعْنِي الْمَنِيَّةَ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي الصَّلَاةِ. وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذَمُّ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّخَاذِهِمْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، وَعَبْدُ اللَّهِ الَّذِي فِي الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ) بِقَافٍ وَزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ فُرَاتُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو حَازِمٍ هُوَ سَلْمَانُ الْأَشْجَعِيُّ.

قَوْلُهُ: (تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ) أَيْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا ظَهَرَ فِيهِمْ فَسَادٌ بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ نَبِيًّا يُقِيمُ لهم أَمْرَهُمْ وَيُزِيلُ مَا غَيَّرُوا مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلرَّعِيَّةِ مِنْ قَائِمٍ بِأُمُورِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الطَّرِيقِ الْحَسَنَةِ وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومَ مِنَ الظَّالِمِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي) أَيْ فَيَفْعَلُ مَا كَانَ أُولَئِكَ يَفْعَلُونَ.

قَوْلُهُ: (وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ) أَيْ بَعْدِي، وَقَوْلُهُ: (فَيَكْثُرُونَ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إِكْبَارُ قَبِيحِ فِعْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فُوا) فِعْلُ أَمْرٍ بِالْوَفَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا بُويِعَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ خَلِيفَةٍ فَبَيْعَةُ الْأَوَّلِ صَحِيحَةٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَبَيْعَةُ الثَّانِي بَاطِلَةٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: سَوَاءٌ عَقَدُوا لِلثَّانِي عَالِمِينَ بِعَقْدِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا، سَوَاءٌ كَانُوا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ. سَوَاءٌ كَانُوا فِي بَلَدِ الْإِمَامِ الْمُنْفَصِلِ أَمْ لَا. هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: تَكُونُ لِمَنْ عُقِدَتْ لَهُ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَهُمَا قَوْلَانِ فَاسِدَانِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمُ بَيْعَةِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا، وَسَكَتَ عَنْ بَيْعَةِ الثَّانِي. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَرْفَجَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ) أَيْ أَطِيعُوهُمْ وَعَاشِرُوهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ بِكُمْ، وَسَتَأْتِي تَتِمَّةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْفِتَنِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ) هُوَ كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ أَمْرِ الدِّينِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ أَمَرَ بِتَوْفِيَةِ حَقِّ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الدِّينِ وَكَفِّ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ ; وَتَأْخِيرِ أَمْرِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ لَا يُسْقِطُهُ، وَقَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُخْلِصُهُ وَيُوَفِّيهِ إِيَّاهُ وَلَوْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.

الْحَدِيثُ