الرَّابِعُ حَدَيثُ أَبِي سَعِيدٍ.
قَوْلُهُ: (لَتَتَّبِعُنَّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ (سَنَنَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ طَرِيقَ (مَنْ قَبْلَكُمْ) أَيِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.
قَوْلُهُ: (جُحْرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ (ضَبٍّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُقَالُ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الضَّبَّ يُقَالُ لَهُ قَاضِي الْبَهَائِمِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّخْصِيصَ إِنَّمَا وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبِّ لِشِدَّةِ ضِيقِهِ وَرَدَاءَتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارَهُمْ وَاتِّبَاعِهِمْ طَرَائِقَهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي مِثْلِ هَذَا الضَّيِّقِ الرَّدِيءِ لَتَبِعُوهُمْ.
قَوْلُهُ: (قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَمَنْ؟) هُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ غَيْرَهُمْ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدَيثُ أَنَسٍ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ تَامًّا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدَيثُ عَائِشَةَ كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَلِّي يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ إِنَّهَا كَرِهَتْ الِاخْتِصَارَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، يَعْنِي وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَهَى عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ.
قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ فَضْلِي، أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا. الْحَدِيثَ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
تَابَعَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدَيثُ عُمَرَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَامًّا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي أَوَاخِرِهِ مَعَ شَرْحِهِ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَعْنِي فِي تَحْرِيمِ شُحُومِ الْمَيْتَةِ دُونَ الْقِصَّةِ، فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) قَالَ الْمُعَافَى النَّهْرَوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْجَلِيسِ لَهُ: الْآيَةُ فِي اللُّغَةِ تُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: الْعَلَامَةُ الْفَاصِلَةُ، وَالْأُعْجُوبَةُ الْحَاصِلَةُ، وَالْبَلِيَّةُ النَّازِلَةُ. فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا﴾ وَمِنَ الثَّانِي: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ وَمِنَ الثَّالِثِ: جَعَلَ الْأَمِيرُ فُلَانًا الْيَوْمَ آيَةً. وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قِيلَ لَهَا آيَةٌ لِدَلَالَتِهَا وَفَصْلِهَا وَإِبَانَتِهَا. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ وَلَوْ آيَةً أَيْ وَاحِدَةً لِيُسَارِعَ كُلُّ سَامِعٍ إِلَى تَبْلِيغِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْآيِ وَلَوْ قَلَّ لِيَتَّصِلَ بِذَلِكَ نَقْلُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ ﷺ. اهـ كَلَامُهُ.
قَوْلُهُ: (وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ) أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ ﷺ الزَّجْرُ عَنِ الْأَخْذِ عَنْهُمْ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِمْ، ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ، وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُورُ وَقَعَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَارِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الِاعْتِبَارِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا حَرَجَ: لَا تَضِيقُ صُدُورُكُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنَ الْأَعَاجِيبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا، وَقِيلَ: لَا حَرَجَ فِي أَنَّ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا: حَدِّثُوا صِيغَةُ أَمْرٍ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ، فَأَشَارَ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَا حَرَجَ أَيْ فِي تَرْكِ التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ. قِيلَ: الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ حَاكِي ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْبَارِهِمْ مِنَ الْأَلْفَاظِ الشَّنِيعَةِ نَحْوَ قَوْلِهِمِ: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا. وَقَوْلُهُمْ: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْلَادُ إِسْرَائِيلَ نَفْسِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ، وَالْمُرَادُ حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِقِصَّتِهِمْ مَعَ أَخِيهِمْ يُوسُفَ، وَهَذَا أَبْعَدُ الْأَوْجُهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ الْمُرَادُ جَوَازُ التَّحَدُّثِ