الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُرْضِعُ وَلَدَهَا فَتَكَلَّمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي قِصَّةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ الْأَعْرَجُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: حَدَيثُهُ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَقَتِ الْكَلْبَ.
قَوْلُهُ: (يُطِيفُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَطَافَ، يُقَالُ: أَطَفْتُ بِالشَّيْءِ إِذَا أَدَمْتُ الْمُرُورَ حَوْلَهُ.
قَوْلُهُ: (بِرَكِيَّةٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ: الْبِئْرُ مَطْوِيَّةً أَوْ غَيْرَ مَطْوِيَّةٍ، وَغَيْرُ الْمَطْوِيَّةِ يُقَالُ لَهَا جُبٌّ وَقَلِيبٌ، وَلَا يُقَالُ لَهَا بِئْرٌ حَتَّى تُطْوَى، وَقِيلَ: الرَّكِيُّ الْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى فَإِذَا طُوِيَتْ فَهِيَ الطَّوِيُّ.
قَوْلُهُ: (بَغِيٌّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ الزَّانِيَةُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْأَمَةِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (مُوقَهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا قَافٌ هُوَ الْخُفُّ، وَقِيلَ مَا يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ.
قَوْلُهُ: (فَغُفِرَ لَهَا) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، لَكِنْ وَقَعَ هُنَاكَ وَفِي الطَّهَارَةِ أَنَّ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ رَجُلٌ، وَأَنَّهُ سَقَاهُ فِي خُفِّهِ، وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ، وَقَدَّمْتُ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: حَدَيثُ مُعَاوِيَةَ.
قَوْلُهُ: (عَامَ حَجَّ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْبَابِ: آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا قُلْتُ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَهِيَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا فِي خِلَافَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَتَنَاوَلَ قُصَّةً) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ شَعْرُ النَّاصِيَةِ، وَالْحَرَسِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى الْحَرَسِ وَهُوَ وَاحِدُ الْحُرَّاسِ.
قَوْلُهُ: (أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذْ ذَاكَ فِيهِمْ كَانُوا قَدْ قَلُّوا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ غَالِبَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَوْمَئِذٍ قَدْ مَاتُوا، وَكَأَنَّهُ رَأَى جُهَّالَ عَوَامِّهِمْ صَنَعُوا ذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يُذَكِّرَ عُلَمَاءَهُمْ وَيُنَبِّهَهُمْ بِمَا تَرَكُوهُ مِنْ إِنْكَارِ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ مَنْ بَقِيَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ إِذْ ذَاكَ الْإِنْكَارَ إِمَّا لِاعْتِقَادِ عَدَمِ التَّحْرِيمِ مِمَّنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَحَمَلَهُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، أَوْ كَانَ يَخْشَى مِنْ سَطْوَةِ الْأُمَرَاءِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ عَلَى مَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْإِنْكَارِ لِئَلَّا يُنْسَبَ إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى أُولِي الْأَمْرِ، أَوْ كَانُوا مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْخَبَرُ أَصْلًا، أَوْ بَلَغَ بَعْضَهُمْ لَكِنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوهُ حَتَّى ذَكَّرَهُمْ بِهِ مُعَاوِيَةُ، فَكُلُّ هَذِهِ أَعْذَارٌ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ كَانَ مَوْجُودًا إِذْ ذَاكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا مَنْ حَضَرَ خُطْبَةَ مُعَاوِيَةَ وَخَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَتَّفِقْ أَنْ يَحْضُرَهُ إِلَّا مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْإِنْكَارِ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ الْحُكْمَ وَأَقَرَّهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَنْهَى، وَفَاعِلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَعَلُوهُ كَانَ سَبَبًا لِهَلَاكِهِمْ، مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنَ ارْتِكَابِهِمْ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْمَنَاهِي، وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ إن كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: وَأنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) كَذَا قَالَهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّعِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ، وَقَدْ وَقَعَ بِحَمْدِ اللَّهِ مَا تَوَقَّعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي عُمَرَ ﵁، وَوَقَعَ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مَا لَا يُحْصَى ذِكْرُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: حَدَيثُ أَبِي سَعِيدٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الصِّدِّيقِ النَّاجِي، وَاسْمُ أَبِي الصِّدِّيقِ - وَهُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ