للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَأَسَهُ اللَّهُ بِهَمْزٍ بَدَلَ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِنْ صَحَّ - أَيْ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ - فَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ رَاشَهُ يَعْنِي بِأَلِفٍ سَاكِنَةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَبِشِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَالرِّيشُ وَالرِّيَاشُ الْمَالُ، انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ فِي تَوْجِيهِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى رَأَّسَهُ جَعَلَهُ رَأْسًا وَيَكُونُ بِتَشْدِيدِ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ مَالًا، أَيْ بِسَبَبِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عُقْبَةُ، لِحُذَيْفَةَ) هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عُمَرَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ الْبَدْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى) هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَصَوَّبَ أَبُو ذَرٍّ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَنَّهُ عَنْ مُوسَى ; وَمُوسَى، وَمُسَدَّدٌ جَمِيعًا قَدْ سَمِعَا مِنْ أَبِي عَوَانَةَ، لَكِنَّ الصَّوَابَ هُنَا مُوسَى لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَاقَ الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ مُوسَى خَالَفَهُ فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: فِي يَوْمِ رَاحٍ، فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ يَوْمٌ حَارٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سِيَاقُ مُوسَى فِي أَوَّلِ بَابِ ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ فِيهِ: انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا وَقَوْلُهُ: رَاحًا أَيْ كَثِيرَ الرِّيحِ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْتَرِقُهُ الرِّيَاحُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَوْمٌ رَاحٌ، أَيْ شَدِيدُ الرِّيحِ، وَإِذَا كَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ يُقَالُ الرَّيِّحُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَوْمٌ رَاحٌ أَيْ ذُو رِيحٍ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ مَالٌ أَيْ ذُو مَالٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْبَابِ فَقَوْلُهُ فِي يَوْمٍ حَارٍ فَهُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْحَوَرُ رِيحٌ تَحِنُّ كَحَنِينِ الْإِبِلِ، وَقَدْ نَبَّهَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ. وَظَنَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي أَوَّلِ ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا رِوَايَتُهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنَّ مُرَادَ الْجَيَّانِيِّ مَا وَقَعَ هُنَا، وَهُوَ بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ) هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمُرَادُهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ رَوَاهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ مِثْلَ الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهُ إِلَّا فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ ; وَهَذَا يَقْتَضِي خَطَأَ مَنْ أَوْرَدَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِلَفْظِ رَاحٍ وَهِيَ رِوَايَةُ السَّرَخْسِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، فَقَالَ فِيهِ: فِي رِيحٍ عَاصِفٍ، أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرِّقَاقِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ يُوسُفَ.

قَوْلُهُ: (كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ) تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ كَانَ نَبَّاشًا، وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الرِّقَاقِ أَنَّهُ كَانَ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا، وَسَيَأْتِي نَقْلُ الْخِلَافِ فِي تَحْرِيرِهَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إن رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ.

قَوْلُهُ: (أَوْرُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَضَمِّ الرَّاءِ، أَيِ اقْدَحُوا وَأَشْعِلُوا.

قَوْلُهُ: (إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذُرُّونِي) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ - أَيُّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُ أَبٍ، قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُونِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ أَذْرُونِي بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ، فَالْأُولَى بِمَعْنَى دَعُونِي أَيِ اتْرُكُونِي، وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ أَذْرَتِ الرِّيحُ الشَّيْءَ إِذَا فَرَّقَتْهُ بِهُبُوبِهَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (فِي الرِّيحِ) تَقَدَّمَ مَا فِي رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ مِنَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَيْ عَاصِفٌ رِيحُهُ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي وَامْتُحِشْتُ، وَهُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ وَصَلَ الْحَرْقُ الْعِظَامَ، وَالْمَحْشُ إِحْرَاقُ النَّارِ الْجِلْدَ.

قَوْلُهُ: (فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا فَيُقَالُ: كَيْفَ يُغْفَرُ لَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرِ الْبَعْثَ وَإِنَّمَا جَهِلَ فَظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لَا يُعَادُ فَلَا يُعَذَّبُ، وَقَدْ ظَهَرَ إِيمَانُهُ بِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ