الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ قال النبي ﷺ: "أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ".
٣٥٢٣ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ قَالَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ أَوْ قَالَ شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ أَوْ قَالَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ وَتَمِيمٍ وَهَوَازِنَ وَغَطَفَانَ".
قَوْلُهُ: (بَابُ ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ) هَذِهِ خَمْسُ قَبَائِلَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْقُوَّةِ وَالْمَكَانَةِ دُونَ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَبَنِي تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْقَبَائِلِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَانُوا أَسْرَعَ دُخُولًا فِيهِ مِنْ أُولَئِكَ فَانْقَلَبَ الشَّرَفُ إِلَيْهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَأَمَّا أَسْلَمَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ نَسَبِهِمْ فِي الْبَابِ الْمَاضِي، وَأَمَّا غِفَارٌ فَبِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَهُمْ بَنُو غِفَارِ بْنِ مُلَيْلٍ بِمِيمٍ وَلَامَيْنِ مُصَغَّرٌ ابْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَسَبَقَ مِنْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ وَأَخُوهُ أَنِيسٌ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَرَجَعَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا مُزَيْنَةُ فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ وَهُوَ اسْمُ امْرَأَةِ عَمْرِو بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ ابْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ، وَهِيَ مُزَيْنَةُ بِنْتُ كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ، وَهِيَ أُمُّ أَوْسٍ وَعُثْمَانَ ابْنَيْ عَمْرٍو، فَوَلَدُ هَذَيْنِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو مُزَيْنَةَ وَالْمُزَنِيُّونَ، وَمِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلِ بْنِ عَبْدِ نُهْمٍ الْمُزَنِيُّ، وَعَمُّهُ خُزَاعِيُّ بْنُ عَبْدِ نُهْمٍ، وَإِيَاسُ بْنُ هِلَالٍ وَابْنُهُ قُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ وَهَذَا جَدُّ الْقَاضِي إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَآخَرُونَ، وَأَمَّا جُهَيْنَةُ فَهُمْ بَنُو جُهَيْنَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ سَوْدِ بْنِ أَسْلُمَ بِضَمِّ اللَّامِ ابْنِ إِلْحَافٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَزْنُ إِلْيَاسَ بْنِ قُضَاعَةَ، مِنْ مَشْهُورِي الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاخْتُلِفَ فِي قُضَاعَةَ فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُمْ مِنْ حِمْيَرَ فَيَرْجِعُ نَسَبُهُمْ إِلَى قَحْطَانَ، وَقِيلَ: هُمْ مِنْ وَلَدِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. وَأَمَّا أَشْجَعُ فَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ وَزْنُ أَحْمَرَ وَهُمْ بَنُو أَشْجَعَ بْنِ رَيْثٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ ابْنِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ، مِنْ مَشْهُورِي الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ بْنِ أُنَيْفٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْقَبَائِلَ الْخَمْسَ مِنْ مُضَرَ، أَمَّا مُزَيْنَةُ وِغِفَارُ وَأَشْجَعُ فَبِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا أَسْلَمُ وَجُهَيْنَةُ فَعَلَى قَوْلٍ وَيُرَجِّحُهُ أَنَّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي مقايلهم وَهُمْ تَمِيمٌ وَأَسَدٌ وَغَطَفَانُ وَهَوَازِنُ، جَمِيعُهُمْ مِنْ مُضَرَ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَانَتْ مَنَازِلُ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ ظَاهِرَ مَكَّةَ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُزَاعَةَ فَقَتَلَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ مَرَارَةَ الْأَسَدِيُّ، هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ فَقَتَلَتْ خُزَاعَةُ فَضَالَةَ بِصَاحِبِهَا فَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ فَبَرِحَتْ بَنُو أَسَدٍ عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَحَالَفُوا غَطَفَانَ فَصَارَ يُقَالُ لِلطَّائِفَتَيْنِ الْحَلِيفَانِ أَسَدٌ وَغَطَفَانُ، وَتَأَخَّرَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ آلُ جَحْشِ بْنِ رَيَّابٍ فَحَالَفُوا بَنِي أُمَيَّةَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ آلُ جَحْشٍ وَهَاجَرُوا احْتَوَى أَبُو سُفْيَانَ عَلَى دُورِهِمْ بِذَلِكَ الْحَلِفِ، ذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: (قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ) تَقَدَّمَ ذِكْرُ قُرَيْشٍ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْأَنْصَارِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute