أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: (مَوَالِيَّ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ إِضَافَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، أَيْ أَنْصَارِي، وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا وَإِنْ كَانَ لِلْمَوَالِي عِدَّةُ مَعَانٍ، وَيُرْوَى بِتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مَوَالِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَبَائِلِ، وَالْمُرَادُ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَالشَّرَفُ يَحْصُلُ لِلشَّيْءِ إِذَا حَصَلَ لِبَعْضِهِ، قِيلَ: إِنَّمَا خُصُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُسْبَوْا كَمَا سُبِيَ غَيْرُهُمْ، وَهَذَا إِذَا سُلِّمَ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَذَا الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الرِّقِّ، وَهَذَا بَعِيدٌ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ: غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ) هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُكَرَّرَةِ مُصَغَّرٌ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا) هُوَ لَفْظُ خَبَرٍ يُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعُصَيَّةُ هُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُنْسَبُونَ إِلَى عُصَيَّةَ بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ ابْنِ خُفَافٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَاءَيْنِ مُخَفَّفٌ ابْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ بُهْثَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ ابْنِ سُلَيْمٍ، وَإِنَّمَا قَالَ فِيهِمْ ﷺ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَاهَدُوهُ فَغَدَرُوا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي فِي غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طُرُقٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّ بَنِي غِفَارٍ كَانُوا يَسْرِقُونَ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَدَعَا لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا لِيُمْحَى عَنْهُمْ ذَلِكَ الْعَارُ، وَوَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ اسْتِعْمَالِ جِنَاسِ الِاشْتِقَاقِ مَا يَلَذُّ عَلَى السَّمْعِ لِسُهُولَتِهِ وَانْسِجَامِهِ، وَهُوَ مِنْ الِاتِّفَاقَاتِ اللَّطِيفَةِ.
(تَنْبِيهٌ):
وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَغَيْرِهَا بَابُ ابْنِ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ عِنْدَ أبي ذَرٍّ قَبْلَ بَابِ قِصَّةِ الْحَبَشِ وَسَيَأْتِي. وَوَقَعَ بَعْدَهُ أَيْضًا عِنْدَهُمْ بَابُ قِصَّةِ زَمْزَمَ وَفِيهِ حَدِيثُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ بَعْدَ بَابِ قِصَّةِ خُزَاعَةَ وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ فِي مَكَانِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ: قِيلَ: هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، وَقِيلَ: ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَهَذَا الثَّانِي وَهْمٌ فَإِنَّ الذُّهْلِيَّ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ كَمَا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ حَوْشَبٍ فَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ ﴿اقْتَرَبَتِ﴾ وَفِي الْإِكْرَاهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ فَإِنَّهُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَيُّوبَ) هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْمَنِيعِيِّ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَيُّوبَ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: أَوْرَدَهُ مِنْ طُرُقٍ: قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى (أَرَأَيْتُمْ) الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ) أَيِ ابْنِ مُرٍّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ابْنِ أُدِّ بِضَمِّ الْأَلِفِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ ابْنِ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ، وَفِيهِمْ بُطُونٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
قَوْلُهُ: (وَبَنِي أَسَدٍ) أَيِ ابْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، وَكَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا، وَقَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ عَقِبَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَارْتَدَّ هَؤُلَاءِ مَعَ طُلَيْحَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ، وَارْتَدَّ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ وَهُمْ بَنُو تَمِيمٍ مَعَ سَجَاحٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْفَاءِ وَالتَّخْفِيفِ أَيِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ غَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ، وَكَانَ اسْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ الْعُزَّى فَصَيَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ، وَبَنُوهُ يُعْرَفُونَ بِبَنِي الْمُحَوَّلَةِ، (وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ) أَيِ ابْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، وَسَيَأْتِي نَسَبُ