الْمَذْكُورَةُ، فَهَذَا يَكُونُ مِنْ مَجْزُوءِ الرَّجَزِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ، فَلَعَلَّهُ كَانَ شَخْصٌ أَوْ أَنْتَ شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَمَوْزُونٌ.
قَوْلُهُ: (وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَعَلِيٌّ يَتَبَسَّمُ أَيْ رِضًا بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَتَصْدِيقًا لَهُ. وَقَدْ وَافَقَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يُشْبِهُ النَّبِيَّ ﷺ أَبُو جُحَيْفَةَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَنَاقِبِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِالنَّبِيِّ ﷺ، وَسَيَأْتِي وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنَاقِبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَذْكُرُ فِيهِ مَنْ شَارَكَهُمَا فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ وَمَحَبَّتُهُ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَنَاقِبِ قَوْلُهُ: لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَفِيهِ تَرْكُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يَلْعَبُ، لِأَنَّ الْحَسَنَ إِذْ ذَاكَ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَحَفِظَ عَنْهُ، وَلَعِبُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ، بَلْ عَلَى مَا فِيهِ تَمْرِينٌ وَتَنْشِيطٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: وَحَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ. وَإِسْمَاعِيلُ فِيهِمَا هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَابْنُ فُضَيْلٍ بِالتَّصْغِيرِ هُوَ مُحَمَّدٌ.
قَوْلُهُ: (كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ صَارَ سَوَادُ شَعْرِهِ مُخَالِطًا لِبَيَاضِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذَا أَنَّ مَوْضِعَ الشَّمَطِ كَانَ فِي الْعَنْفَقَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ، وَالْعَنْفَقَةُ مَا بَيْنَ الذَّقَنِ وَالشَّفَةِ السُّفْلَى، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا شَعْرٌ أَمْ لَا. وَتُطْلَقُ عَلَى الشَّعْرِ أَيْضًا. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءُ - وَأَشَارَ إِلَى عَنْفَقَتِهِ - قِيلَ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَبْرِي النَّبْلَ وَأُرَيِّشُهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَمَرَ لَنَا) أَيْ لَهُ وَلِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَآخِرُهُ هَاءُ تَأْنِيثٍ - ابْنُ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَكَانَ أَمَرَ لَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ جَائِزَةِ الْوَفْدِ.
قَوْلُهُ: (قَلُوصًا) بِفَتْحِ الْقَافِ، هِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْإِبِلِ، وَقِيلَ: الشَّابَّةُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلَةُ الْقَوَائِمِ.
قَوْلُهُ: (فَقُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قُرْبَ وَفَاتِهِ ﷺ، وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جُحَيْفَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ حَجَّةَ الْوَدَاعِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ، فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَفَّى لَهُمْ بِالْوَعْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا صَنَعَ بِغَيْرِهِمْ. ثُمَّ وَجَدْتُ ذَلِكَ مَنْقُولًا صَرِيحًا، فَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فَذَهَبْنَا نَقْبِضُهَا فَأَتَانَا مَوْتُهُ فَلَمْ يُعْطُونَا شَيْئًا، فَلَمَّا قَامَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عِدَةٌ فَلْيَجِئْ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ لَنَا بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْهِبَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ) هُوَ اسْمُ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرَ مِنَ اسْمِهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا: وَهْبُ اللَّهِ وَوَهْبُ الْخَيْرِ.
قَوْلُهُ: (وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى الْعَنْفَقَةَ) بِالْكَسْرِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الشَّفَةِ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: بَيَاضًا، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى مِثْلُ مَوْضِعِ إِصْبَعٍ الْعَنْفَقَةِ وَإِصْبَعٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالتَّنْوِينِ، وَإِعْرَابُ الْعَنْفَقَةِ كَالَّذِي قَبْلَهُ. وَفِي رِوَايَةِ شَبَّابَةَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ عِنْدَهُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ شَابَتْ عَنْفَقَتُهُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَهُوَ مِنْ ثُلَاثِيَّاتِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحِمْصِيُّ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهُ. وَأَمَّا حَرِيزٌ فَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ.
قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَأَيْتَ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي وَالنَّبِيُّ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ، وَالتَّقْدِيرُ: أَخْبِرْنِي أَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ شَيْخًا؟ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَأَيْتَ اسْتِفْهَامًا مِنْهُ هَلْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ؟ وَيَكُونُ النَّبِيُّ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ: (كَانَ شَيْخًا)