النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ قَالَ كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَهَا".
٣٥٨٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ يَقُولُ: "كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ".
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ فِي حَنِينِ الْجِذْعِ، أَوْرَدَهُ عَنْهُمَا مِنْ طُرُقٍ: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلَاءِ أَخُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ تَسْمِيَةُ أَبِي حَفْصٍ لَمْ أَرَهَا إِلَّا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بُنْدَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَلَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُسَمِّهِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ، فَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي حَفْصٍ فِي الْكُنَى هَذَا الْحَدِيثَ فَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ الْغُدَانِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَلَاءِ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَابِ وَلَمْ يَقُلِ اسْمُهُ عُمَرُ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ أَبِي غَسَّانَ قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ الْعَلَاءِ يُكَنَّى أَبَا غَسَّانَ، قَالَ الْحَاكِمُ: فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمَا أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى عُمَرَ وَالْآخَرُ يُسَمَّى مُعَاذًا وَحَدَّثَا مَعًا عَنْ نَافِعٍ بِحَدِيثِ الْجِذْعِ أَوْ أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ غَيْرُ مَحْفُوظٌ، لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَلَاءِ أَبُو عَمْرٍو صَاحِبُ الْقِرَاءَاتِ وَأَبُو سُفْيَانَ، وَمُعَاذٌ، فَأَمَّا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ فَلَا أَعْرِفُهُ إِلَّا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ لِمُعَاذٍ وَلَا لِعُمَرَ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فَهُوَ أَشْهَرُ الْإِخْوَةِ وَأَجَلُّهُمْ، وَهُوَ إِمَامُ الْقِرَاءَاتِ بِالْبَصْرَةِ، وَشَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ رِوَايَةٌ وَلَا ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ، وَأَمَّا أَخُوهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْعَلَاءِ فَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ، عَنْ مُعَاذٍ فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ أَفْعَلْ لَمَا سَكَنَ نَحْوُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ بِلَفْظِ لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلِأَبِي عَوَانَةَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمَا زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ. وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ وَيُدْفَنَ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فَقَالَ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ حَنِينِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ؟ فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَسَمِعُوا مِنْ حَنِينِهَا حَتَّى كَثُرَ بُكَاؤُهُمْ
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى: كَانَ يَقُومُ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ فَقَامَ إِلَى نَخْلَةٍ، وَلَمْ يَشُكَّ. وَقَوْلُهُ: فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَالْخِلَافُ فِي اسْمِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute