أَبْعَدُ بِكَثِيرٍ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، قَالَ يَاقُوتٌ: هِيَ قَرْيَةٌ عَلَى بَابِ دِمَشْقَ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِيسِ تَتَّصِلُ بِالْعَقِيبَةِ. قُلْتُ: وَسُمِّيَتْ بِاسْمِ مَنْ نَزَلَهَا مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ.
٣٦١٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ. فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ. فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
[الحديث ٣٦١٣ - طرفه في: ٤٨٤٦]
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ) كَذَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَزْهَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَزْهَرَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ أَزْهَرَ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ بَدَلَ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ. أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهْمُ. قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ قَعَدَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ الْحَدِيثَ، وَهَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ إِلَّا أَنَّهُ يُقَوِّي أَنَّ الْحَدِيثَ لِابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى لَا عَنْ ثُمَامَةَ.
قَوْلُهُ: (افْتُقِدَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ)؛ أَيِ ابْنُ شَمَّاسٍ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ خَطِيبَ الْأَنْصَارِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: فَسَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا شَأْنُ ثَابِتٍ؟ آشْتَكَى؟ فَقَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ كَانَ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى. وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْحُفَّاظُ بِأَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ فِي زَمَنِ الْوفُودِ بِسَبَبِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وذلك سَنَةَ خَمْسٍ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي قِصَّةِ ثَابِتٍ مُجَرَّدُ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالَّذِي نَزَلَ فِي قِصَّةِ الْأَقْرَعِ أَوَّلُ السُّورَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وَقَدْ نَزَلَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ سَابِقًا أَيْضًا قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِي آخِرِهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ. وَفِي السِّيَاقِ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ إِسْلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ: حَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَعَدَ ثَابِتٌ يَبْكِي، فَمَرَّ بِهِ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيَّ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا الْحَدِيثَ، وَهَذَا لَا يُغَايِرُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute