للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ. . . الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاذٍ فِي الْمَعْنَى، وَالْوَلِيدُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ جَابِرٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ خَفِيفَةٌ وَالْمِيمُ مَكْسُورَةٌ، وَهُوَ السَّكْسَكِيُّ، نَزَلَ حِمْصَ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَعَادَهُ بِإِسْنَاده وَمَتْنُهُ فِي التَّوْحِيدِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا يَصِحُّ، وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي الْمُرَادِ بِالَّذِينَ لَا يَزَالُونَ ظَاهِرِينَ قَائِمِينَ بِأَمْرِ الدِّينِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْجِهَادِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ إِيرَادِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي أَبْوَابِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ فَوَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ هَذَا التَّوْجِيهِ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ فِي بَابِ الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي، وَوَجْهُ إِيرَادِهِ هُنَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: خَرِبَتْ خَيْبَرُ الْإِخْبَارَ بِذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَوَقَعَ كَذَلِكَ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عُرْوَةَ، وَهُوَ الْبَارِقِيُّ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَزْنُ سَعِيدٍ، وَغَرْقَدَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ، تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ الْحَيَّ يَتَحَدَّثُونَ)؛ أَيْ قَبِيلَتَهُ، وَهُمْ مَنْسُوبُونَ إِلَى بَارِقٍ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ نَزَلَهُ بَنُو سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مَزِيقِيًّا فَنُسِبُوا إِلَيْهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهُمْ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُرْوَةَ) هُوَ ابْنُ الْجَعْدِ أَوِ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ الْخَيْلِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً) فِي رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: عُرِضَ لِلنَّبِيِّ ﷺ جَلَبٌ، فَأَعْطَانِي دِينَارًا فَقَالَ: أَيْ عُرْوَةُ، ائْتِ الْجَلَبَ فَاشْتَرِ لَنَا شَاةً، قَالَ: فَأَتَيْتُ الْجَلَبَ فَسَاوَمْتُ صَاحِبَهُ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ)؛ أَيْ: وَبَقِيَ مَعَهُ دِينَارٌ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ فَسَاوَمَنِي فَبِعْتُهُ شَاةً بِدِينَارٍ، وَجِئْتُ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ.

قَوْلُهُ: (فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ عُرْوَةَ: فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ. وَفِيهِ أَنَّهُ أَمْضَى لَهُ ذَلِكَ وَارْتَضَاهُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَتَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ؛ فَتَارَةً قَالَ: لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ، وَتَارَةً قَالَ: إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْبُوَيْطِيِّ. وَقَدْ أَجَابَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهَا بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعًا، وَهَذَا بَحْثٌ قَوِيٌّ يَقِفُ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْحَيَّ لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، يُسَمُّونَ مَا فِي إِسْنَادِهِ مُبْهَمٌ مُرْسَلًا أَوْ مُنْقَطِعًا، وَالتَّحْقِيقُ إِذَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي إِسْنَادِهِ مُبْهَمٌ، إِذْ لَا فَرْقَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاتِّصَالِ وَالِانْقِطَاعِ بَيْنَ رِوَايَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْرُوفِ، فَالْمُبْهَمُ نَظِيرُ الْمَجْهُولِ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ فِي إِسْنَادٍ صَرَّحَ كُلُّ مَنْ فِيهِ بِالسَّمَاعِ مِنْ شَيْخِهِ أنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ كَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ الْمَذْكُورَةِ قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقِفُ بِكُنَاسَةِ الْكُوفَةِ فَأَرْبَحُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَى أَهْلِي، قَالَ: وَكَانَ يَشْتَرِي الْجَوَارِيَ وَيَبِيعُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ) هُوَ الْكُوفِيُّ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَّفَقِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِمْ، وَكَانَ قَاضِيَ بَغْدَادَ فِي زَمَنِ الْمَنْصُورِ ثَانِي خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَمَاتَ فِي خِلَافَتِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: جَرَحَهُ عِنْدِي شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ كِلَاهُمَا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الثِّقَاتِ مَا سَمِعَهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ عَنْهُمْ، فَالْتَصَقَتْ بِهِ تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتُ. قُلْتُ: وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ.

قَوْلُهُ: (جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ)؛ أَيْ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ)؛ أَيِ الْحَسَنُ (سَمِعَهُ شَبِيبٌ منْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ) الْقَائِلُ سُفْيَانُ وَالضَّمِيرُ لِشَبِيبٍ، وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِذَلِكَ بَيَانَ ضَعْفِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَأَنَّ شَبِيبًا لَمْ يَسْمَعِ الْخَبَرَ مِنْ عُرْوَةَ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنَ الْحَيِّ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَنْ عُرْوَةَ،