الْحَدِيثِ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا سِوَى اللَّهِ حَتَّى أَلْقَاهُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ مُحَمَّدَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَتَتِ امْرَأَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا.
قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي.
قَوْلُهُ: (إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ، كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ) فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ الْبِلَاذَرِيِّ قَالَتْ: فَإِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ، تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ، وَكَذَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ يُقَوِّي جَزْمَ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهُ كَلَامٌ جَيِّدٌ. وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ الْآتِي ذِكْرُهَا فِي الْأَحْكَامِ كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ وَمُرَادُهَا: إِنْ جِئْتُ فَوَجَدْتُكَ قَدْ مِتَّ مَاذَا أَعْمَلُ؟ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ قَائِلِ كَأَنَّهَا فَجَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ مَنْ دُونَهُ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى مَنْ نَدْفَعُ صَدَقَاتِ أَمْوَالِنَا بَعْدَكَ؟ قَالَ: إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ كَانَ أَصْرَحَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ، لَكِنْ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ. وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ: بَايَعَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْرَابِيًّا فَسَأَلَهُ إِنِ أَتَى عَلَيْهِ أَجَلُهُ مَنْ يَقْضِيهِ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ سَأَلَهُ مَنْ يَقْضِيهِ بَعْدَهُ؟ قَالَ: عُمَرُ الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرًا. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَوَاعِيدَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَتْ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ تَنْجِيزُهَا. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الحديث الخامس.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ) هُوَ الْمَرْوَزِيُّ، بَغْدَادِيُّ الْأَصْلِ يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ وَاسْمُ أَبِيهِ سُلَيْمَانُ، وَصَفَهُ أَبُو زُرْعَةَ بِالْحِفْظِ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ ; وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ إِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ) بِالْجِيمِ هُوَ الْكُوفِيُّ، قَوَّاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ، وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ. وَوَبَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُوَحَّدَةِ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ هَمَّامٍ) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَمهْوَرِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ هَمَّامَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَعَمَّارَ هُوَ ابْنُ يَاسِرٍ، وَالْإِسْنَادُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ فَصَاعِدًا كُوفِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (وَمَا مَعَهُ) أَيْ مِمَّنْ أَسْلَمَ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا خَمْسَةَ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ) أَمَّا الْأَعْبُدُ فَهُمْ: بِلَالٌ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَدِيمًا مَعَ أَبِي بَكْرٍ - وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَعْتَقَهُ - وَأَبُو فُكَيْهَةَ مَوْلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَ بِلَالٌ فَعَذَّبَهُ أُمَيَّةُ فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ. وَأَمَّا الْخَامِسُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِشُقْرَانَ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَرَّثَهُ مِنْ أَبِيهِ هُوَ وَأُمَّ أَيْمَنَ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بَدَلَ أَبِي فُكَيْهَةَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَبُوهُ وأمه فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ كَانُوا مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ وَأُمُّهُ أَوَّلُ مَنِ اسْتُشْهِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ طَعَنَهَا أَبُو جَهْلٍ فِي قلبهَا بِحَرْبَةٍ فَمَاتَتْ، وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ فَخَدِيجَةُ وَالْأُخْرَى أُمُّ أَيْمَنَ أَوْ سُمَيَّةُ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا تَبَعًا للدِّمْيَاطِيِّ أَنَّهَا أُمُّ الْفَضْلِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي السَّابِقِينَ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَعُدَّ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ.
كَذَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَحْرَارِ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّ مُرَادَ عَمَّارٍ بِذَلِكَ مِمَّنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا يُخْفُونَهُ مِنْ أَقَارِبِهِمْ، وَسَيَأْتِي قَوْلُ سَعْدٍ إِنَّهُ كَانَ ثُلُثَ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنِ اطَّلَعَ عَلَى إِسْلَامِهِ مِمَّنْ سَبَقَ إِسْلَامُهُ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ)