للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لَمَّا حَدَّثَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ صَادَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ بِأَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْنِي فَيُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ بَوَّابًا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْضِي حَاجَتَهُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ اسْتَمَرَّ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَسَيَأْتِي لَهُ تَوْجِيهٌ آخَرُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ، فَبَطَلَ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ لِمَا قَالَهُ ابْنُ التِّينِ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ بَعْدُ عَنِ الدَّاوُدِيِّ، وَهَذَا مِنْ مُخْتَلَفِ الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْجَمْعِ الَّذِي قَرَّرْتُهُ.

ثُمَّ إِنَّ قَوْلَ أَبِي مُوسَى هَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَ أَنَسٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لِأَنَّ مُرَادَ أَنَسٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ مُرَتَّبٌ لِذَلِكَ عَلَى الدَّوَامِ.

قَوْلُهُ: (فَدَفَعَ الْبَابَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ.

قَوْلُهُ: (يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ) زَادَ أَبُو عُثْمَانَ فِي رِوَايَتِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَذَا قَالَ فِي عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي) كَانَ لِأَبِي مُوسَى أَخَوَانِ أَبُو رُهْمٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ، وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ أَخًا آخَرَ اسْمُهُ مُحَمَّدُ، وَأَشْهَرُهُمْ أَبُو بُرْدَةَ وَاسْمُهُ عَامِرٌ، وَقَدْ خَرَّجَ عَنْهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثًا.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ) فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الِاسْتِئْذَانِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِهِ: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قُلْتُ: وَمَا أَبْعَدَ مَا قَالَه، فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأْذَنَ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ مَنَاقِبِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى بِلَفْظِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ فَعُرِفَ أَنَّ قَوْلَهُ: يُحَرِّكُ الْبَابَ إِنَّمَا حَرَّكَهُ مُسْتَأْذِنًا لَا دَافِعًا لَهُ لِيَدْخُلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: عُثْمَانُ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَبْرًا، حَتَّى جَلَسَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ فَدَخَلَ وَهُوَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَبْرًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُمَرَ كَذَلِكَ، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُثْمَانَ كَذَلِكَ وَزَادَ: بَعْدَ بَلَاءٍ شَدِيدٍ. قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَهُمْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي قَالَ لَهُ وَقَالَ: أَيْنَ نَبِيُّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ. وَقَالَ فِي عُثْمَانَ: فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَيْدًا قَالَ لِي كَذَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ وَلَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُكَ، فَأَيُّ بَلَاءٍ يُصِيبُنِي؟ قَالَ هُوَ ذَاكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ أَرْسَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ أَبُو مُوسَى، فَلَمَّا جَاءُوا كَانَ أَبُو مُوسَى قَدْ قَعَدَ عَلَى الْبَابِ فَرَاسَلَهُمْ عَلَى لِسَانِهِ بِنَحْوِ مَا أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ: وَوَقَعَ نَحْوَ قِصَّةِ أَبِي مُوسَى لِبِلَالٍ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لِبِلَالٍ: أَمْسِكْ عَلَيَّ الْبَابَ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَهُ. وَهَذَا إِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ فِيهِ وَهَمًا مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِي حَدِيثِهِ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ هُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَأْذِنُ، وَهُوَ وَهَمٌ أَيْضًا، فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعٍ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ لِأَبِي مُوسَى فِيمَا أَعْلَمُ: ائْذَنْ لَهُ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي سَلِمَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ الصَّوَابُ، فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى أَبِي