مُوسَى وَاتَّحَدَتِ الْقِصَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَشَارَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَلْوَى الْمَذْكُورَةِ إِلَى مَا أَصَابَ عُثْمَانَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ مِنَ الشَّهَادَةِ يَوْمَ الدَّارِ، وَقدْ وَرَدَ عَنْهُ ﷺ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا فَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِتْنَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ: يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا يَوْمئِذٍ ظُلْمًا، قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (فَجَلَسَ وِجَاهَهُ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَبِكَسْرِهَا أَيْ مُقَابِلَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ شَرِيكٌ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي.
قَوْلُهُ: (قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ) فِيهِ وُقُوعُ التَّأْوِيلِ فِي الْيَقِظَةِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْفَرَاسَةَ، وَالْمُرَادُ اجْتِمَاعُ الصَّاحِبَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الدَّفْنِ وَانْفِرَادُ عُثْمَانَ عَنْهُمْ فِي الْبَقِيعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ صُورَةِ الْجُلُوسِ الْوَاقِعَةِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَعِيدٌ: فَأَوَّلْتُ ذَلِكَ انْتِبَاذَ قَبْرِهِ مِنْ قُبُورِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي الْفِتَنِ بِلَفْظِ اجْتَمَعْتُ هَاهُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ وَلَوْ ثَبَتَ الْخَبَرُ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي صِفَةِ الْقُبُورِ الثَّلَاثَةِ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ لَكَانَ فِيهِ تَمَامُ التَّشْبِيهِ، وَلَكِنْ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَعَارَضَهُ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّاهُ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي الْحَدِيثُ وَفِيهِ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَعُمَرُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيِ النَّبِيِّ ﷺ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الّقَطَّانُ وَسَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ.
قَوْلُهُ: (صَعِدَ أُحُدًا) هُوَ الْجَبَلُ الْمَعْرُوفُ بِالْمَدِينَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، لِأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدٍ حِرَاءَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْلَا اتِّحَادُ الْمَخْرَجِ لَجَوَّزْتُ تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ سَعِيدٍ، فَإِنِّي وَجَدْتُهُ فِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ فِيهِ: أُحُدًا أَوْ حِرَاءَ بِالشَّكِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِلَفْظِ حِرَاءَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ أُحُدٍ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَقَوَّى احْتِمَالَ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْوَقْفِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ أَيْضًا نَحْوَهُ وَفِيهِ حِرَاءٌ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يُؤَيِّدُ تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حِرَاءٍ وَمَعَهُ الْمَذْكُورُونَ هُنَا وَزَادَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا رَفَعَ أَبُو بَكْرٍ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي فِي صَعِدَ وَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الْحَائِلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أُحُدًا وَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْآتِي فِي آخِرِ الْبَابِ كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ. وَقَوْلُهُ: اثْبُتْ وَقَعَ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ: اثْبُتْ بِلَفْظِ الْأَمْرِ مِنَ الثَّبَاتِ وَهُوَ الِاسْتِقْرَارُ، وَأُحُدٌ مُنَادَى وَنِدَاؤُهُ وَخِطَابُهُ يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ: أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ: اثْبُتْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ) فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْآتِيَةِ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ وَأَوْ فِيهَا لِلتَّنْوِيعِ وَشَهِيدٌ لِلْجِنْسِ. الحديث التاسع عشر.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الرِّبَاطِيُّ وَاسْمُ جَدِّهِ إِبْرَاهِيمُ، وَأَمَّا السَّرَخْسِيُّ فَكُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَاسْمُ جَدِّهِ صَخْرٌ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا صَخْرٌ) هُوَ ابْنُ جُوَيْرِيَةَ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ) أَيْ فِي الْمَنَامِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ وَسَبَقَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَبْلَ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ بِبَابٍ رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمَعِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَيَأْتِي فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ بِلَفْظِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ.
قَوْلُهُ: (أَنْزِعُ مِنْهَا) أَيْ أَمْلَأُ الْمَاءَ بِالدَّلْوِ.
قَوْلُهُ: (فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالنُّونِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ: الدَّلْوُ الْكَبِيرَةُ إِذَا كَانَ فِيهَا الْمَاءُ وَاتَّفَقَ مَنْ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الذَّنُوبِ إِشَارَةٌ إِلَى مُدَّةِ