للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَعَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّى أَنَّ الْمُحَدَّثَ مِنْهُمْ إِذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا وَقَعَ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَرْضِهِ عَلَى الْقُرْآنِ، فَإِنْ وَافَقَهُ أَوْ وَافَقَ السُّنَّةَ عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَهَذَا وَإِنْ جَازَ أَنْ يَقَعَ لَكِنَّهُ نَادِرٌ مِمَّنْ يَكُونُ أَمْرُهُ مِنْهُمْ مَبْنِيًّا عَلَى اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَمَحَّضَتِ الْحِكْمَةُ فِي وُجُودِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ بَعْدَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فِي زِيَادَةِ شَرَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِوُجُودِ أَمْثَالِهِمْ فِيهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْحِكْمَةُ فِي تَكْثِيرِهِمْ مُضَاهَاةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي كَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ، فَلَمَّا فَاتَ هَذِهِ الْأُمَّةَ كَثْرَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا لِكَوْنِ نَبِيِّهَا خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ عُوِّضُوا بِكَثْرَةِ الْمُلْهَمِينَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِالْمُحَدَّثِ الْمُلْهَمِ الْبَالِغُ فِي ذَلِكَ مَبْلَغَ النَّبِيِّ فِي الصِّدْقِ، وَالْمَعْنَى لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ أَنْبِيَاءٌ مُلْهَمُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ عُمَرُ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي انْقِطَاعِ قَرِينِهِ فِي ذَلِكَ هَلْ نَبِيٍّ أَمْ لَا (١) فَلِذَلِكَ أَتَى بِلَفْظِ إِنْ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ فَلَوْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ إِنْ فِي الْآخَرِ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، انْتَهَى.

وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَكِنْ فِي تَقْرِيرِ الطِّيبِيِّ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ وَلَا يَتِمُّ مُرَادُهُ إِلَّا بِفَرْضِ أَنَّهُمْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى﴾ الْآيَةَ، كَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ زَادَ فِيهَا وَلَا مُحَدَّثٍ، أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي أَوَاخِرِ جَامِعِهِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَإِسْنَادُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ، وَلَفْظُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ). وَالسَّبَبُ فِي تَخْصِيصِ عُمَرَ بِالذِّكْرِ لِكَثْرَةِ مَا وَقَعَ لَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ مِنَ الْمُوَافَقَاتِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ مُطَابِقًا لَهَا، وَوَقَعَ لَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ عِدَّةُ إِصَابَاتٍ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الَّذِي كَلَّمَهُ الذِّئْبُ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا بِدُونِ قِصَّةِ الْبَقَرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فَأَبْهَمَهُ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فَصَرَّحَ بِذِكْرِ أَبِي سَعِيدٍ، وَوَقَعَ فِي التَّعْبِيرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ.

قَوْلُهُ: (رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ) الْحَدِيثُ وَفِيهِ: عُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ، أَيْ لِطُولِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ بِلَفْظِ يَجُرِّهُ.

قَوْلُهُ: (قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ) سَيَأْتِي فِي التَّعْبِيرِ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ تَخْصِيصُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ عُرِضَ عَلَيَّ النَّاسُ فَلَعَلَّ الَّذِينَ عُرِضُوا إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَأَنَّ كَوْنَ عُمَرَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَمِيصٌ أَطْوَلُ مِنْهُ وَأَسْبَغُ، فَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ كَانَ حِينَئِذٍ بَيَانُ فَضِيلَةِ عُمَرَ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ، بِهَذَا.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) كَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كَمَا عَلَّقَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْقَوَارِيرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَوْصُولًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا عَنْ الِاثْنَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ) سَيَأْتِي بَيَانُ


(١) قال مصحح طبعة بولاق: لعل فيه سسقطا والاصل "جعله انقطاع قرينه في ذلك في شك هل هو نبي الخ"