دِينَارٍ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّةِ الْقُفِّ أَوْرَدَهَا مُخْتَصَرَةً مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَوْلُهُ: (فَسَكَتَ هُنَيْهَةً) بِالتَّصْغِيرِ أَيْ قَلِيلًا.
قَوْلُهُ: (قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَهُوَ بَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ، وَحَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ إِلَخْ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ قَالَ حَمَّادٌ: فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، وَعَاصِمٌ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى نَحْوًا مِنْ هَذَا، غَيْرَ أَنَّ عَاصِمًا زَادَ، فَذَكَرَ الزِّيَادَةَ. وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَكِنْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَحْدَهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالَ، وَهُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَحْدَهُ بِهِ وَلَيْسَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْ كَشَفَ عَنْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا) قَالَ ابْنُ التِّينِ: أَنْكَرَ الدَّاوُدِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ دَخَلَ لِرُوَاتِهَا حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْحَدِيثُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ قَدِ انْكَشَفَ فَخِذُهُ فَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ، فَغَطَّاهَا الْحَدِيثُ.
قُلْتُ: يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَدِيثُ، وَفِيهِ: ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، فَقَالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ فِي جَوَابِ عَائِشَةَ: إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَبْلُغُ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ انْتَهَى، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَغْلِيطُ رِوَايَةِ عَاصِمٍ، إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَتَّفِقَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُغَطِّيَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ، وَأَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ، وَلَاسِيَّمَا مَعَ اخْتِلَافِ مَخْرَجِ الْحَدِيثَيْنِ وَإِنَّمَا يُقَالُ مَا قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ حَيْثُ تَتَّفِقُ الْمَخَارِجُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ لَا مَعَ افْتِرَاقِ الْمَخَارِجِ كَمَا فِي هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٦٩٦ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عن ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَا: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لِأَخِيهِ الْوَلِيدِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ؟ فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِيَ نَصِيحَةٌ لَكَ، قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ منك - قَالَ مَعْمَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ - فَانْصَرَفْتُ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِما، إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: مَا نَصِيحَتُكَ؟ فَقُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ﷺ، فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا. قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ - كَمَا قُلْتَ - وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي مِنْ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَ، فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ.
قَوْلُهُ: (مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ، وَوَجْهُ كَوْنِ عُثْمَانُ خَالَهُ أَنَّ أُمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا هِيَ أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّ عُثْمَانَ، وَأَقَارِبُ الْأُمِّ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَخْوَالٌ، وَأَمَّا أُمُّ عُثْمَانَ فَهِيَ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزٍ بِالتَّصْغِيرِ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهِيَ شَقِيقَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَالِدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَيُقَالُ: إِنَّهُمَا وُلِدَا تَوْأَمًا، حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، فَكَانَ ابْنَ بِنْتِ عَمَّةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ ابْنَ خَالِ وَالِدَتِهِ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ أُمُّ عُثْمَانَ كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَخْزُومِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدِينَةِ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي خِلَافَةِ ابْنِهَا عُثْمَانُ وَأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ حَمَلَهَا إِلَى قَبْرِهَا. وَأَمَّا أَبُوهُ فَهَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَخِيهِ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِ أَخِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى عَنْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فِي أَخِيهِ.
قَوْلُهُ: (الْوَلِيدُ) أَيِ ابْنُ عُقْبَةَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَعُقْبَةُ هُوَ ابْنُ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَكَانَ أَخَا عُثْمَانَ لِأُمِّهِ، وَكَانَ عُثْمَانُ وَلَّاهُ الْكُوفَةَ بَعْدَ عَزْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَإِنَّ عُثْمَانَ كَانَ وَلَّاهُ الْكُوفَةَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِوَصِيَّةٍ مِنْ عُمَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ فِي قِصَّةِ مَقْتَلِ عُمَرَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالْوَلِيدِ وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا كَانَ أَمِيرَهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَاقْتَرَضَ سَعْدٌ