للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ حِرَاءٍ، وَأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعَدُّدِ، ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُؤَيِّدُهُ: فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَذَكَرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَسَعْدٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَآخَرُ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَاذَانُ) هُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُمَرَ، عَلِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الشُّيُوخَ وَذَوِي الْأَسْنَانِ الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ شَاوَرَهُمْ، وَكَانَ عَلِيٌّ فِي زَمَانِهِ حَدِيثَ السِّنِّ. قَالَ: وَلَمْ يُرِدِ ابْنُ عُمَرَ الِازْدِرَاءَ بِهِ، وَلَا تَأْخِيرَهُ عَنِ الْفَضِيلَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ، انْتَهَى. وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ مِنْ جِهَةِ السِّنِّ بَعِيدٌ لَا أَثَرَ لَهُ فِي التَّفْضِيلِ الْمَذْكُورِ.

وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً مِنْ تَقْدِيمِ عَلِيٍّ بَعْدَ عُثْمَانَ، وَمِنْ تَقْدِيمِ بَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمِنَ تَقْدِيمِ أَهْلِ بَدْرٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا النَّفْيِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ فِي التَّفْضِيلِ، فَيَظْهَرُ لَهُمْ فَضَائِلُ الثَّلَاثَةِ ظُهُورًا بَيِّنًا فَيَجْزِمُونَ بِهِ، وَلَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ اطَّلَعُوا عَلَى التَّنْصِيصِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ، وَقَدْ حُمِلَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْتِيبِ فِي التَّفْضِيلِ، وَاحْتَجَّ فِي التَّرْبِيعِ بِعَلِيٍّ بِحَدِيثِ سَفِينَةِ مَرْفُوعًا: الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ كُنَّا نَتْرُكُ لِأَنَّ الْأُصُولِيِّيِّنَ اخْتَلَفُوا فِي صِيغَةِ كُنَّا نَفْعَلُ لَا فِي صِيغَةِ كُنَّا لَا نَفْعَلُ لِتَصَوُّرِ تَقْرِيرِ الرَّسُولِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً فَمَا هُوَ مِنَ الْعَمَلِيَّاتِ حَتَّى يَكْفِيَ فِيهِ الظَّنُّ، وَلَوْ سَلَّمْنَا فَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَقَعَ لَهُمْ فِي بَعْضِ أَزْمِنَةِ النَّبِيِّ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَظْهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَقَدْ مَضَتْ تَتِمَّةُ هَذَا فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ) أَيِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ، وَابْنُ صَالِحٍ هَذَا هُوَ الْجُهَنِيُّ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعِجْلِيُّ وَالِدُ أَحْمَدَ صَاحِبِ كِتَابِ الثِّقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَةِ إِثْبَاتَ الطَّرِيقِ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ؛ لِأَنَّ عَبَّاسًا الدَّوْرِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَاذَانَ فَقَالَ: عَنِ الْفَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ فَكَأَنَّ لِشَاذَانِ فِيهِ شَيْخَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَمَّارٍ، وَالرَّمَادِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَبْدَةُ أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَحُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى) هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ.

قَوْلُهُ: (عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ) نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ، بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ وَسَطٌ مِنْ طَبَقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ بِاتِّفَاقِهِمْ، وَفِي الرُّوَاةِ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ بَصْرِيٌّ أَيْضًا لَكِنَّهُ أَصْغَرُ مِنْ هَذَا، رَوَى عَنْ أَنَسٍ، رَوَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَحْدَهُ أَخْرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ.

قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَحَجَّ الْبَيْتَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَلَا عَلَى اسْمِ مَنْ أَجَابَهُ مِنَ الْقَوْمِ وَلَا عَلَى أَسْمَاءِ الْقَوْمِ، وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَا قَدْ يُقَرِّبُ أَنَّهُ الْعَلَاءُ بْنُ عَيْزَارَ، وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ، وَكَذَا فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ بَعْدَ هَذَا، وَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ