للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَانِعًا وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالًا تَنْفَعُ النَّاسَ، إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ، فَأَذِنَ لَهُ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً، فَشَكَا إِلَى عُمَرَ شِدَّةَ الْخَرَاجِ، فَقَالَ لَهُ: مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي جَنْبِ مَا تَعْمَلُ، فَانْصَرَفَ سَاخِطًا، فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ، فَمَرَّ بِهِ الْعَبْدُ فَقَالَ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ: لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عَابِسًا فَقَالَ: لَأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَا، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فَقَالَ: تَوَعَّدَنِي الْعَبْدُ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ وَسَطُهُ فَكَمَنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي الْغَلَسِ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ الصِّفَاقَ وَهِيَ الَّتِي

قَتَلَتْهُ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ، وَكَانَ يَسْتَغِلُّهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ - أَيْ كُلَّ يَوْمٍ - فَلَقِيَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ أَثْقَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ، وَمِنْ نِيَّةِ عُمَرَ أَنْ يَلْقَى الْمُغِيرَةَ فَيُكَلِّمَهُ فَيُخَفِّفَ عَنْهُ، فَقَالَ الْعَبْدُ: وَسِعَ النَّاسَ عَدْلُهُ غَيْرِي، وَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ، فَاصْطَنَعَ لَهُ خِنْجَرًا لَهُ رَأْسَانِ وَسَمَّهُ، فَتَحَرَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ حَتَّى قَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَلَمَّا كَبَّرَ طَعَنَهُ فِي كَتِفِهِ وَفِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ: رَأَيْتُ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ، وَلَا أَرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وَفِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَمَا مَرَّ إِلَّا تِلْكَ الْجُمْعَةُ حَتَّى طُعِنَ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فَحَدَّثْتُهَا أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، فَحَدَّثَتْنِي أَنَّهُ يَقْتُلُنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَعَاجِمِ.

وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ الْمَدِينَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ بِأَبِي لُؤْلُؤَةَ الْبَيْتَ لِيُصْلِحَ لَهُ ضَبَّةً لَهُ، فَقَالَ لَهُ: مُرِ الْمُغِيرَةَ أَنْ يَضَعَ عَنِّي مِنْ خَرَاجِي، قَالَ: إِنَّكَ لَتَكْسِبُ كَسْبًا كَثِيرًا فَاصْبِرْ الْحَدِيثُ. وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، عُمَرَ طَعْنَتَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الثَّالِثَةَ الَّتِي قَتَلَتْهُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا) فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ: اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مَعَهُ، وَهُوَ ثَالِثُ عَشَرَ، زَادَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: وَعَلَى عُمَرَ إِزَارٌ أَصْفَرُ قَدْ رَفَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَلَمَّا طُعِنَ قَالَ: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾.

قَوْلُهُ: (مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ) أَيْ وَعَاشَ الْبَاقُونَ، وَوَقَفْتُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ عَلَى كُلَيْبِ بْنِ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ وَلَهُ وَلِإِخْوَتِهِ عَاقِلٍ، وَعَامِرٍ، وَإِيَاسٍ صُحْبَةٌ، فَرُوِّينَا فِي جُزْءِ أَبِي الْجَهْمِ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عُمَرَ صَادِرًا مِنَ الْحَجِّ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ فَدَفَنَهَا كُلَيْبٌ اللَّيْثِيُّ فَشَكَرَ لَهُ ذَلِكَ عُمَرُ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَطَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ لَمَّا طَعَنَ عُمَرَ فَمَاتَ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ: طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَكُلَيْبٌ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عُمَرَ: فَطَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، كُلَيْبَ بْنَ الْبُكَيْرِ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا) وَقَعَ فِي ذَيْلِ الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ فَتْحُونَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى الْأُمَوِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُقَالُ لَهُ: حِطَّانُ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ قَالَ: طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ نَفَرًا فَأَخَذَ أَبَا لُؤْلُؤَةَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ، وَهَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ الزُّهْرِيَّانِ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، وَطَرَحَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ خَمِيصَةً كَانَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ اشْتَرَكُوا فِي ذَلِكَ. وَرَوَى سَعْدٌ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ احْتَزَّ رَأْسَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ.

قَوْلُهُ: (وَتَنَاوَلَ عمر يد