اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً"
٣٧٧٤ - "حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ وَيَقُولُ أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ"
٣٧٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا"
قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ عَائِشَةَ ﵂ هِيَ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا. وَمَاتَ النَّبِيُّ ﷺ وَلَهَا نَحْوُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا، وَقَدْ حَفِظَتْ عَنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا وَعَاشَتْ بَعْدَهُ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْأَخْذَ عَنْهَا، وَنَقَلُوا عَنْهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ شَيْئًا كَثِيرًا حَتَّى قِيلَ: إِنَّ رُبْعَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْقُولٌ عَنْهَا ﵂. وَكَانَ مَوْتُهَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ: فِي الَّتِي بَعْدَهَا، وَلَمْ تَلِدْ لِلنَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا عَلَى الصَّوَابِ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ تَكْتَنِيَ فَقَالَ: اكْتَنِّي بِابْنِ أُخْتِكِ فَاكْتَنَّتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَنَّاهَا بِذَلِكَ لَمَّا أُحْضِرَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِيُحَنِّكَهُ فَقَالَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَنْتِ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَلَمْ أَزَلْ أُكَنَّى بِهَا، ثم ذكر المصنف ثمانية أحاديث: الأول.
قَوْلُهُ: (يَا عَائِشُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي كُلِّ اسْمٍ مُرَخَّمٍ.
قَوْلُهُ: (تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ هُوَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ، وَقَدِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلَ خَدِيجَةَ عَلَى عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَرَدَ فِي حَقِّ خَدِيجَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا: إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ مِنْ رَبِّكِ وَأَطْلَقَ هُنَا السَّلَامَ مِنْ جِبْرِيلَ نَفْسِهِ، وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي مُوسَى كَمُلَ - بِتَثْبيت الْمِيمِ - مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ مُوسَى ﵇ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ آسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَتَقْرِيرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَفَضْلُ عَائِشَةَ إِلَخْ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْأَفْضَلِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ حِبَّانَ إِلَى أَنَّ أَفْضَلِيَّتَهَا الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ مُقَيَّدَةٌ بِنِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهَا مِثْلُ فَاطِمَةَ ﵍ جَمْعًا بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ حَدِيثِ: أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَيَأْتِي فِي مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: خَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: كَفَضْلِ الثَّرِيدِ زَادَ مَعْمَرٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: مَرْثَدٍ بِاللَّحْمِ وَهُوَ اسْمُ الثَّرِيدِ الْكَامِلِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute