للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذَا مَا الْخُبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ … فَذَاكَ أَمَانَةُ اللَّهِ الثَّرِيدُ

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ: فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ وَهُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ مِنْهُ لَفْظَ التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: فَضْلُ عَائِشَةَ وَلَمْ يَقُلْ مَنَاقِبُ وَلَا ذِكْرٌ كَمَا قَالَ فِي غَيْرِهَا.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: (إنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ) أَيْ ضَعُفَتْ.

قَوْلُهُ: (تَقْدَمِينَ) بِفَتْحِ الدَّالِ (عَلَى فَرَطٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فِيهِ أَنَّهُ قَطَعَ لَهَا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ إِذْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بَدَلٌ بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عَمَّارٍ (إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ) أَيْ زَوْجَةُ النَّبِيِّ (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ : قَالَ لَهَا: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَعَلَّ عَمَّارًا كَانَ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا قِيلَ: الضَّمِيرُ لِعِلِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ للَّهِ وَالْمُرَادُ بِاتِّبَاعِ اللَّهِ اتِّبَاعُ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ فِي طَاعَةِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ فَإِنَّهُ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ خُوطِبَ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ، وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: لَا يُحَرِّكُنِي ظَهْرُ بَعِيرٍ حَتَّى أَلْقَى النَّبِيَّ .

وَالْعُذْرُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً هِيَ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَكَانَ مُرَادُهُمْ إِيقَاعَ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَخْذَ الْقِصَاصِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ أَجْمَعِينَ، وَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّاعَةِ، وَطَلَبَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصَ مِمَّنْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِشُرُوطِهِ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْقِلَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّيَمُّمِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةً، يَعْنِي أَنَّهُمْ أَتَوْا بِالْعِقْدِ، أَيْ أَنَّ الْمَحْفُوظَ قَوْلُهَا: فَأَثَرْنَا الْبَعِيرَ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ، قَوْلُهُ: (عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ، الْحَدِيثَ) وَهَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ، وَلَكِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَوْصُولٌ عَنْ عَائِشَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ وَسَيَأْتِي فِي الْوَفَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا كُلُّهُ، وَيَأْتِي سَائِرُ شَرْحِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قَوْلُهَا: سَكَنَ أَيْ مَاتَ أَوْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ. قُلْتُ: الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَوَّلُ خَطَأٌ صَرِيحٌ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّهُنَّ أَذِنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ هَذَا، وَيُجْمَعُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُنَّ أَذِنَّ لَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ إِلَى يَوْمِهَا، يَعْنِي فَيَتَعَلَّقُ الْإِذْنُ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُهَا فِي أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ، وَعَبْدُوسٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَالصَّوَابُ بِالتَّكْبِيرِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا، وَقَعَ فِي الْهِبَةِ: فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ. فَقُلْتُ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِعَائِشَةَ، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ عَائِشَةَ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: احْتِمَالُ أَنْ لَا يَكُونَ أَرَادَ إِدْخَالَ خَدِيجَةَ فِي هَذَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: مِنْكُنَّ الْمُخَاطَبَةُ وَهِيَ أُمُّ سَلَمَةَ وَمَنْ أَرْسَلَهَا أَوْ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ مِنَ النِّسَاءِ.

وَالثَّانِي: عَلَى تَقْدِيرِ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ خُصُوصِيَّةِ شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ ثُبُوتُ الْفَضْلِ الْمُطْلَقِ كَحَدِيثِ: أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ، وَنَحْوَ