للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غَيْرَ مَوْزُونٍ. وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِرِ: وَرَحْلُهَا الْعِيسُ بِأَحْلَاسِهَا، وَهَذَا مَوْزُونٌ، وَالْعِيسُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبِالْمُهْمَلَتَيْنِ: الْإِبِلُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الَّذِي قَصَّ الْقِصَّةَ الثَّانِيَةَ هُوَ عُمَرُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الَّذِي قَصَّهَا هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبِ، وَلَفْظُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ قَالَ: لَقَدْ رَأَى عُمَرُ رَجُلًا - فَذَكَرَ الْقِصَّةَ - قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ بَعْضِ مَا رَأَيْتَ. قَالَ: إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ بِوَادٍ إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، خَبَرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُرْسَلَةٍ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِرَجُلٍ فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ هَذَا كَاهِنًا الْحَدِيثُ وَفِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: أَخْبِرْنِي. فَقَالَ: نَعَمْ، بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ قَالَتْ لِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى الشَّيَاطِينِ وَإِبْلَاسِهَا … الْحَدِيثُ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: أَتَيْتُ مَكَّةَ فَإِذَا بِرَجُلٍ عِنْدَ تِلْكَ الْأَنْصَابِ … فَذَكَرَ قِصَّةَ الْعِجْلِ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا احْتُمِلَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ أَتَيْتُ مَكَّةَ هُوَ عُمَرُ أَوْ صَاحِبُ الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ آلِهَتِهِمْ) أَيْ أَصْنَامُهُمْ.

قَوْلُهُ: (إِذْ جَاءَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، لَكِنْ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ ابْنُ عَبْسٍ، فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ شَيْخٍ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْسٍ قَالَ: كُنْتُ أَسُوقُ بَقَرَةً لَنَا، فَسَمِعْتُ مِنْ جَوْفِهَا فَذَكَرَ الرَّجَزَ قَالَ: فَقَدِمْنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ قَدْ بُعِثَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّ الَّذِي حَدَّثَ بِذَلِكَ هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ، وَسَأَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا مَا يُقَوِّي أَنَّ الَّذِي سَمِعَ ذَلِكَ هُوَ عُمَرُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِتَعَدُّدِ ذَلِكَ لَهُمَا.

قَوْلُهُ: (يَا جَلِيحْ) بِالْجِيمِ وَالْمُهْمَلَةِ بِوَزْنِ عَظِيمٍ، وَمَعْنَاهُ: الْوَقِحُ الْمُكَافِحُ بِالْعَدَاوَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَادَى رَجُلًا بِعَيْنِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَنْ كَانَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا يَا آلَ ذَرِيحْ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ، وَهُمْ بَطْنٌ مَشْهُورٌ فِي الْعَرَبِ.

قَوْلُهُ: (رَجُلٌ فَصِيحٌ) مِنَ الْفَصَاحَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِتَحْتَانِيَّةٍ أَوَّلَهُ بَدَلَ الْفَاءِ مِنَ الصِّيَاحِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْسٍ: قَوْلٌ فَصِيحْ رَجُلٌ يَصِيحْ.

قَوْلُهُ: (يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (فَمَا نَشِبْنَا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: لَمْ نَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ حَتَّى سَمِعْنَا أَنَّ النَّبِيَّ قَدْ خَرَجَ، يُرِيدُ أَنْ ذَلِكَ كَانَ بِقُرْبِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ .

(تَنْبِيهَانِ): أَحَدُهُمَا: ذَكَرَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ مِنَ الْجِنِّيِّ كَانَ مِنْ أَثَرِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ، وَفِي جَزْمِهِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَثَرِ مَنْعِ الْجِنِّ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْجِنِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا بُعِثَ مُنِعَ الْجِنُّ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ، فَضَرَبُوا الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْحَثُونَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ، حَتَّى رَأَوُا النَّبِيَّ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ الْحَدِيثَ.

(التَّنْبِيهُ الثَّانِي): لَمَّحَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي بَابِ إِسْلَامِ عُمَرَ بِمَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ وَطَلْحَةَ، عَنْ عُمَرَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ سَبَبَ إِسْلَامِهِ، فَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ جَعَلَ لِمَنْ يَقْتُلُ مُحَمَّدًا مِائَةَ نَاقَةٍ، قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ آلضَّمَانُ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَتَقلَّدْتُ سَيْفِي أُرِيدُهُ، فَمَرَرْتُ عَلَى عِجْلٍ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَذْبَحُوهُ، فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ: يَا آلَ ذَرِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ يَصِيحْ بِلِسَانٍ فَصِيحْ. قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا أَنَا، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أُخْتِي فَإِذَا عِنْدَهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ … فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي سَبَبِ إِسْلَامِهِ بِطُولِهَا، وَتَأَمَّلْ مَا فِي إِيرَادِهِ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي بَعْدَ هَذَا - وَهُوَ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ - مِنَ الْمُنَاسَبَةِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ: (انْقَضَّ) بِنُونٍ وَقَافٍ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَاءٍ بَدَلَ الْقَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ