للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صِفَةُ لَيْلَةٍ أَيْ أُسْرِيَ بِهِ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الْحِجْرِ) هُوَ شَكٌّ مِنْ قَتَادَةَ كَمَا بَيَّنَهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ هَمَّامٍ وَلَفْظُهُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحَطِيمِ، وَرُبَّمَا قَالَ قَتَادَةُ: فِي الْحِجْرِ وَالْمُرَادُ بِالْحَطِيمِ هُنَا الْحِجْرُ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، أَوْ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْحِجْرِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي الْحَطِيمِ هَلْ هُوَ الْحِجْرُ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ لَكِنِ الْمُرَادُ هُنَا بَيَانُ الْبُقْعَةِ الَّتِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَتَعَدَّدْ لِأَنَّ الْقِصَّةَ مُتَّحِدَةٌ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَهُوَ أَعَمُّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ فُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ بَاتَ فِي بَيْتِهَا قَالَ: فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ نَامَ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ، وَبَيْتُهَا عِنْدَ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، فَفُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِهِ - وَأَضَافَ الْبَيْتَ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَسْكُنُهُ - فَنَزَلَ مِنْهُ الْمَلَكُ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِهِ مُضْطَجِعًا وَبِهِ أَثَرُ النُّعَاسِ ; ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمَلَكُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ. وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ.

وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي نُزُولِهِ عَلَيْهِ مِنَ السَّقْفِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي مُفَاجَأَتِهِ بِذَلِكَ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنْ يَعْرُجَ بِهِ إِلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ.

قَوْلُهُ: (مُضْطَجِعًا) زَادَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ: بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ابْتِدَاءِ الْحَالِ، ثُمَّ لَمَّا أُخْرِجَ بِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ اسْتَمَرَّ فِي يَقَظَتِهِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَلَا إِشْكَالَ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِـ اسْتَيْقَظْتُ أَفَقْتُ، أَيْ أَنَّهُ أَفَاقَ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ شَغْلِ الْبَالِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَلَكُوتِ، وَرَجَعَ إِلَى الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ: لَوْ قَالَ Object إِنَّهُ كَانَ يَقِظًا لَأَخْبَرَ بِالْحَقِّ، لِأَنَّ قَلْبَهُ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ سَوَاءٌ، وَعَيْنُهُ أَيْضًا لَمْ يَكُنِ النَّوْمُ تَمَكَّنَ مِنْهَا، لَكِنَّهُ تَحَرَّى Object الصِّدْقَ فِي الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ لِلْمَجَازِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِذْ أَتَانِي آتٍ) هُوَ جِبْرِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَوَقَعَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ: وَذَكَرَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ: إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَأَتَيْتُ فَانْطُلِقَ بِي، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلَيْنِ حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ Object كَانَ نَائِمًا بَيْنَهُمَا، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ Object مِنَ التَّوَاضُعِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَفِيهِ جَوَازُ نَوْمِ جَمَاعَةٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَثَبَتَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَجْتَمِعُوا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَدَّ) بِالْقَافِ وَالدَّالِ الثَّقِيلَةِ، (قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ) الْقَائِلُ قَتَادَةُ، وَالْمَقُولُ عَنْهُ أَنَسٌ، وَلِأَحْمَدَ: قَالَ قَتَادَةُ: وَرُبَّمَا سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: فَشَقَّ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ) لَمْ أَرَ مَنْ نَسَبَهُ مِنَ الرُّوَاةِ، وَلَعَلَّهُ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ أَنَسٍ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ ثُغْرَةٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ الَّذِي بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (إِلَى شِعْرَتِهِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: شَعْرُ الْعَانَةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: إِلَى أَسْفَلَ بَطْنِهِ، وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ: مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ بَطْنِهِ. وَتَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَصِّهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ رَأْسُ صَدْرِهِ.

قَوْلُهُ: (إِلَى شِعْرَتِهِ) ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ إِلَى ثُنَّتِهِ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ، وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعُ شَقِّ الصَّدْرِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي بَنِي سَعْدٍ، وَلَا إِنْكَارَ فِي ذَلِكَ؛ فَقَدْ تَوَارَدَتِ الرِّوَايَاتُ بِهِ. وَثَبَتَ شَقُّ الصَّدْرِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَعْثَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو