للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَالْجَهَازُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَقَدْ تُكْسَرُ - وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْكَسْرَ - وَهُوَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي السَّفَرِ.

قَوْلُهُ: (وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ) أَيْ زَادًا فِي جِرَابٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ السُّفْرَةِ فِي اللُّغَةِ الزَّادُ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْمُسَافِرِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي وِعَاءِ الزَّادِ، وَمِثْلُهُ الْمَزَادَةُ لِلْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الرَّاوِيَةُ. فَاسْتُعْمِلَتِ السُّفْرَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ. وَأَفَادَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي السُّفْرَةِ شَاةٌ مَطْبُوخَةٌ.

قَوْلُهُ: (ذَاتُ النِّطَاقِ) بِكَسْرِ النُّونِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ النِّطَاقَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالنِّطَاقُ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ، وَقِيلَ: هُوَ إِزَارٌ فِيهِ تِكَّةٌ، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَشُدُّ وَسَطَهَا بِحَبْلٍ ثُمَّ تُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ الْهَرَوِيُّ. قَالَ: وَسُمِّيَتْ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَجْعَلُ نِطَاقًا عَلَى نِطَاقٍ. وَقِيلَ: كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَتَجْعَلُ فِي الْآخَرِ الزَّادَ. اهـ. وَالْمَحْفُوظُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا شَقَّتْ نِطَاقَهَا نِصْفَيْنِ فَشَدَّتْ بِأَحَدِهِمَا الزَّادَ وَاقْتَصَرَتْ عَلَى الْآخَرِ، فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقِ وَذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، فَالتَّثْنِيَةُ وَالْإِفْرَادُ بِهَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ. وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ شَقَّتْ نِطَاقَهَا فَأَوْكَأَتْ بِقِطْعَةٍ مِنْهُ الْجِرَابَ وَشَدَّتْ فَمَ الْقِرْبَةِ بِالْبَاقِي فَسُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ، ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُمَا خَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ فِي ظَهْرِ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُخُولَهُ الْمَدِينَةَ كَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى الْخُوَارَزْمِيَّ قَالَ: إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. قُلْتُ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ خُرُوجَهُ مِنْ مَكَّةَ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخُرُوجَهُ مِنَ الْغَارِ كَانَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ أَقَامَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَهِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةُ السَّبْتِ وَلَيْلَةُ الْأَحَدِ، وَخَرَجَ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فَرَكِبَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ وَهُوَ ثَوْرٌ، فَتَوَارَيَا فِيهِ.

وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَرَقَدَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ يُوَرِّي عَنْهُ، وَبَاتَتْ قُرَيْشٌ تَخْتَلِفُ وَتَأْتَمِرُ أَيُّهُمْ يَهْجُمُ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقُهُ، حَتَّى أَصْبَحُوا فَإِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ ; فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي، فَعَلِمُوا أَنَّهُ فَرَّ مِنْهُمْ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَهُ لَا يَبِيتُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَدَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَيُسَجَّى بِبُرْدِهِ الْأَخْضَرِ، فَفَعَلَ. ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ عَلَى الْقَوْمِ وَمَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، فَجَعَلَ يَنْثُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُوَ يَقْرَأُ يس إِلَى: ﴿فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾

وَذَكَرَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ .. الْآيَةَ، قَالَ: تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ. يُرِيدُونَ النَّبِيَّ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ. فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَبَاتَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَخَرَجَ - النَّبِيُّ حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا يَحْسِبُونَهُ النَّبِيَّ ، يَعْنِي يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَقُومُ فَيَفْعَلُونَ بِهِ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَرَأَوْا عَلِيًّا رَدَّ اللَّهُ مَكْرَهُمْ فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلِمَا بَلَغُوا الْجَبَلَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا الْجَبَلَ فَمَرُّوا بِالْغَارِ فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ. وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرَ، ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ وَبَاتَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ يُوَرِّي عَنْهُ، وَبَاتَتْ قُرَيْشٌ يَخْتَلِفُونَ وَيَأْتَمِرُونَ أَيُّهُمْ يَهْجِمُ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا إِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَخَرَجُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَهُ.

وَفِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيِّ شَيْخِ النَّسَائِيِّ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ فِي قِصَّةِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ نَحْوَهُ، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا فِي أَثَرِهِمَا قَائِفَيْنِ: أَحَدُهُمَا كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ، فَرَأَى كُرْزُ بْنُ