للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلْقَمَةَ عَلَى الْغَارِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ فَقَالَ: هَاهُنَا انْقَطَعَ الْأَثَرُ. وَلَمْ يُسَمِّ الْآخَرَ، وَسَمَّاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَغَيْرِهِ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ. وَقِصَّةُ سُرَاقَةَ مَذْكُورَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ حَدِيثُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَكَمَنَا فِيهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيِ اخْتَفِيَا.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَ لَيَالٍ) فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَيْلَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْسِبْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ طَلْحَةَ النَّضْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَبِثْتُ مَعَ صَاحِبِي - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - فِي الْغَارِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا ثَمَرُ الْبَرِيرِ. قَالَ الْحَاكِمُ: مَعْنَاهُ مَكَثْنَا مُخْتَفِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْغَارِ وَفِي الطَّرِيقِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

قُلْتُ: لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ ذِكْرُ الْغَارِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ الْهِجْرَةِ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحِ كَمَا تَرَاهُ مِنْ أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ كَانَ يَرُوحُ عَلَيْهِمَا فِي الْغَارِ بِاللَّبَنِ، وَلِمَا وَقَعَ لَهُمَا فِي الطَّرِيقِ مِنْ لَقْيِ الرَّاعِي كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِنَ النُّزُولِ بِخَيْمَةِ أُمِّ مَعْبَدٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا قِصَّةٌ أُخْرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَيْلَةَ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْغَارِ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً وَمِنْ خَلْفِهِ سَاعَةً، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَمْشِي خَلْفَكَ، وَأَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَمْشِي أَمَامَكَ. فَقَالَ: لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقْتَلَ دُونِي؟ قَالَ: أَيْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الْغَارِ قَالَ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَسْتَبْرِئَ لَكَ الْغَارِ، فَاسْتَبْرَأَهُ. وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ مِنْ مُرْسَلِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ نَحْوَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بَلَاغًا نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ وَهَمٌ.

قَوْلُهُ: (ثَقِفٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا، وَبَعْدَهَا فَاءٌ: الْحَاذِقُ، تَقُولُ: ثَقِفْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَقَمْتَ عِوَجَهُ.

قَوْلُهُ: (لَقِنٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ بَعْدَهَا نُونٌ: اللَّقِنُ السَّرِيعُ الْفَهْمِ.

قَوْلُهُ: (فَيَدَّلِجُ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَهَا جِيمٌ، أَيْ يَخْرُجُ بِسَحَرٍ إِلَى مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ) أَيْ مِثْلَ الْبَائِتِ، يَظُنُّهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ لِشِدَّةِ رُجُوعِهِ بِغَلَسٍ.

قَوْلُهُ: (يُكْتَادَانِ بِهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يُكَادَانِ بِهِ بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ أَيْ يُطْلَبُ لَهُمَا فِيهِ الْمَكْرُوهُ، وَهُوَ مِنَ الْكَيْدِ.

قَوْلُهُ: (عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اشْتَرَاهُ مِنَ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، فَأَسْلَمَ، فَأَعْتَقَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْحَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي الْهِبَةِ، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ شَاةٍ. وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ الْغَنَمَ كَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ يَرُوحُ عَلَيْهِمَا بِالْغَنَمِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَيَحْلُبَانِ، ثُمَّ تَسْرَحُ بُكْرَةً فَيُصْبِحُ فِي رُعْيَانِ النَّاسِ فَلَا يُفْطَنُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فِي رِسْلٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ: اللَّبَنُ الطَّرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَرَضِيفُهُمَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بِوَزْنِ رَغِيفٍ أَيِ اللَّبَنُ الْمَرْضُوفُ أَيِ الَّتِي وُضِعَتْ فِيهِ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ بِالشَّمْسِ أَوِ النَّارِ لِيَنْعَقِدَ وَتَزُولَ رَخَاوَتُهُ، وَهُوَ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ الْجَرُّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرٌ) يَنْعِقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَصِيحُ بِغَنَمِهِ، وَالنَّعِيقُ صَوْتُ الرَّاعِي إِذَا زَجَرَ الْغَنَمَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَتَّى يَنْعِقَ بِهِمَا بِالتَّثْنِيَةِ أَيْ يُسْمِعُهُمَا صَوْتَهُ إِذَا زَجَرَ غَنَمَهُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ثُمَّ يَسْرَحُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ فَيُصْبِحُ فِي رُعْيَانِ النَّاسِ كَبَائِتٍ فَلَا يُفْطَنُ بِهِ، وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَكَانَ عَامِرٌ أَمِينًا مُؤْتَمَنًا حَسَنَ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَقِيلَ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مَهْمُوزٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ) أَيِ ابْنُ الدِّيلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَيُقَالُ: مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُزَاعَةَ، وَوَقَعَ فِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، تَهْذِيبِ ابْنِ هِشَامٍ: اسْمُهُ