٣٩٦٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَتَبْتُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي بَدْرٍ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ.
(تَنْبِيهٌ): ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَتْ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ، وَثُبُوتُهَا أَوْجَهُ إِذْ لَا تَعَلُّقَ لِحَدِيثِهَا بِبَابِ عِدَّةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ عَقِبَ حَدِيثِهَا بَابُ قَتْلِ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَسَقَطَ لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ أَوْجَهُ لِأَنَّ فِيهِ ذِكْرَ هَلَاكِ غَيْرِ أَبِي جَهْلٍ فَهُوَ لَائِقٌ بِالتَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى هَذَا فَقَدِ اشْتَمَلَتِ التَّرْجَمَةُ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا: الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ فِي قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ; وَلَمْ يُدْرِكِ الْبُخَارِيُّ أَبَاهُ، وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ) وَبِهِ رَمَقٌ، كَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَدْ ضُرِبَ فِي الْمَعْرَكَةِ بِالسُّيُوفِ حَتَّى خَرَّ صَرِيعًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ أَعْمَدُ) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَكَلَّمَهُ أَيْ بِكَلَامٍ تَشَفَّى مِنْهُ فَأَجَابَهُ بِذَلِكَ، وَوَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ صَرِيعًا، فَقُلْتُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ: وَبِمَا أَخْزَانِي مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ الْحَدِيثَ وَهَذَا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ وَأَعْمَدُ بِالْمُهْمَلَةِ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنْ عَمَدَ أَيْ هَلَكَ، يُقَالُ: عَمَدَ الْبَعِيرُ يَعْمِدُ عَمَدًا بِالتَّحْرِيكِ إِذَا وَرِمَ سَنَامُهُ مِنْ عَضِّ الْقَتَبِ فَهُوَ عَمِيدٌ، وَيُكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ الْهَلَاكِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ سَنَامُهُ وَارِمًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الثَّقِيلُ فَيَكْسِرُهُ فَيَمُوتُ فِيهِ شَحْمُهُ، وَقِيلَ مَعْنَى أَعْمَدُ أَعْجَبُ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى أَغْضَبَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هَلْ زَادَ عَلَى سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ أَعَمَدَ مِنْ كُلِّ مُحِقٍّ أَيْ هَلْ زَادَ عَلَى مِكْيَالٍ نَقَصَ كَيْلُهُ، وَأَنْشَدَ في ذَلِكَ:
وَأَعْمَدُ مِنْ قَوْمٍ كَفَاهُمْ أَخُوهُمْ … صِدَامُ الْأَعَادِي حِينَ قَلَّتْ بُيُوتُهَا
أَيْ لَا زِيَادَةَ عَلَى فِعْلِنَا فَإِنَّنَا كَفَيْنَا إِخْوَانَنَا أَعَادِيَهُمْ. وَفِي مَغَازِي أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قُلْتُ لِابْنِ إِسْحَاقَ: مَا أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ؟ قَالَ: يَقُولُ هَلْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ قَتَلْتُمُوهُ. وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ الْأَوَّلَ. وَيُؤَيِّدُ تَفْسِيرَ أَبِي عُبَيْدَةَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بَعْدَهُ بِلَفْظِ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَغْدَرُ بَدَلَ أَعْمَدُ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أَنَسًا سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَفْظُهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ أَبِي جَهْلٍ؟ قَالَ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -: فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا ابْنَا عَفْرَاءَ قَدِ اكْتَنَفَاهُ فَضَرَبَاهُ، فَأَخَذْتُ بِلِحْيَتِهِ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا، فَانْطَلَقَ.
قَوْلُهُ: (ابْنَا عَفْرَاءَ) هُمَا مُعَاذٌ، وَمُعَوِّذٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى بَرَدَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ أَيْ مَاتَ، هَكَذَا فَسَّرُوهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِي مُسْلِمٍ حَتَّى بَرَكَ بِكَافٍ بَدَلَ الدَّالِ أَيْ سَقَطَ، وَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ التَّيْمِيِّ، قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَلَوْ كَانَ مَاتَ كَيْفَ كَانَ يُكَلِّمُهُ؟ انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: حَتَّى بَرَدَ أَيْ صَارَ فِي حَالَةِ مَنْ مَاتَ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ سِوَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَئُولُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلسُّيُوفِ: بَوَارِدُ؛ أَيْ: قَوَاتِلُ، وَقِيلَ لِمَنْ قُتِلَ