بِالسَّيْفِ: بَرَدَ؛ أَيْ: أَصَابَهُ مَتْنُ الْحَدِيدِ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْحَدِيدِ الْبُرُودَةُ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: بَرَدَ أَيْ فَتَرَ وَسَكَنَ، يُقَالُ: جَدَّ فِي الْأَمْرِ حَتَّى بَرَدَ أَيْ فَتَرَ، وَبَرَدَ النَّبِيذُ أَيْ سَكَنَ غَلَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: (قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، بَيَّنَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَأَنَّ الشَّكَّ مِنَ التَّيْمِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْغَزْوَةِ. وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ سُلَيْمَانُ - أَيِ التَّيْمِيُّ - قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ هُوَ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: فَلَوْ غَيْرَ أَكَّارٍ قَتَلَنِي هَذَا مُرْسَلٌ وَالْأَكَّارُ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ الزَّرَّاعُ، وَعَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْأَنْصَارَ أَصْحَابُ زَرْعٍ فَأَشَارَ إِلَى تَنْقِيصِ مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ بِذَلِكَ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَوْ غَيْرُكَ كَانَ قَتَلَنِي وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
قَوْلُهُ: (أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَحْدَة أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا، فَقَدْ صَرَّحَ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِأَنَّهُ هَكَذَا نَطَقَ بِهَا أَنَسٌ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَفْظُهُ فَقَالَ: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: قَالَ سُلَيْمَانُ: هَكَذَا قَالَهَا أَنَسٌ، قَالَ: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ انْتَهَى. وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ فِيهِ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ وَكَأَنَّهُ مِنْ إِصْلَاحِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَكَذَا نَطَقَ بِهَا يَحْيَى الّقَطَّانُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُقَدَّمِيِّ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ التَّيْمِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: قَالَ: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ الْمُقَدَّمِيُّ: هَكَذَا قَالَهَا يَحْيَى الّقَطَّانُ. وَقَدْ وُجِّهَتِ الرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْحَمْلِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُثْبِتُ الْأَلِفَ فِي الْأَسْمَاءِ السِّتَّةِ فِي كُلِّ حَالَةٍ كَقَوْلِهِ:
إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا
وَقِيلَ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَعْنِي، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ شَرْطَ هَذَا الْإِضْمَارِ أَنْ تَكْثُرَ النُّعُوتُ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: كَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَعَمَّدَ اللَّحْنَ لِيَغِيظَ أَبَا جَهْلٍ كَالْمُصَغِّرِ لَهُ، وَمَا أَبْعَدَ مَا قَالَ. وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ أَبَا جَهْلٍ مُنَادَى مَحْذُوفُ الْأَدَاةِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنْتَ الْمَقْتُولُ يَا أَبَا جَهْلٍ، وَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ مُقَرِّعًا لَهُ وَمُتَشَفِّيًا مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ أَشَدَّ الْأَذَى. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَالْحَاكِمِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ فَقُلْتُ: أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَالَ: وَبِمَا أَخْزَانِي؟ هَلْ أَعْمَدُ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ: وَزَعَمَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: لَقَدِ ارْتَقَيْتَ يَا رُوَيْعَ الْغَنَمِ مُرْتَقًى صَعْبًا قَالَ: ثُمَّ احْتَزَزْتُ رَأْسَهُ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: هَذَا رَأْسُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؟ فَحَلَفَ لَهُ وَفِي زِيَادَةِ الْمَغَازِي رِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ نَحْوَ الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ وَفِيهِ فَحَلَفَ لَهُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَاهُ فَقَامَ عِنْدَهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) هُوَ التَّيْمِيُّ الْمَذْكُورُ قَبْلُ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَحْوَهُ) قَدْ سَاقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ لَفْظَهُ فَأَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَالَ فِيهِ: قَالَ: فَأَخَذْتُ بِلِحْيَتِهِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ. وَقَوْلُهُ: قَالَ: فَأَخَذْتُ بِلِحْيَتِهِ يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الْمَاضِيَةَ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، فَإِنَّ أَنَسًا أَخَذَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. الْحَدِيثُ الرَّابِعُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.
قَوْلُهُ: (كَتَبْتُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَتَبَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخُمُسِ مُطَوَّلًا عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يُوسُفَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ) هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ جَدِّهِ فِي بَدْرٍ) أَيْ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ.
قَوْلُهُ: (يَعْنِي حَدِيثَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ) أَيِ الْحَدِيثَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْخُمُسِ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُطَوَّلًا، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مُلَخَّصًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَدَلَّهُمَا عَلَيْهِ فَشَدَّا عَلَيْهِ فَضَرَبَاهُ