للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا بَعِيدًا لَا تُصِيبُهُمُ السِّهَامُ غَالِبًا، فَالْمَعْنَى اسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي إِذَا رَمَيْتُمْ بِهَا لَا تُصِيبُ غَالِبًا، وَإِذَا صَارُوا إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْإِصَابَةُ غَالِبًا فَارْمُوا.

٣٩٨٦ - حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً: سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلًا. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ.

٣٩٨٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي قِصَّةِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً: سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا) هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي عَدَدِ الْقَتْلَى، وَأَطْبَقَ أَهْلُ السِّيَرِ عَلَى أَنَّهُمْ خَمْسُونَ قَتِيلًا يَزِيدُونَ قَلِيلًا أَوْ يَنْقُصُونَ، سَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ، وَزَادَ الْوَاقِدِيُّ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، وَأَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُمْ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعَ مَنْ قُتِلَ. وَقَوْلُ الْبَرَاءِ: إِنَّ عِدَّتَهُمْ سَبْعُونَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَآخَرُونَ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا﴾ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ أَهْلُ أُحُدٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِأَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا يَوْمُ بَدْرٍ، وَعَلَى أَنَّ عِدَّةَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأُحُدٍ سَبْعُونَ نَفْسًا، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ هِشَامٍ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ قَصِيدَةٍ لَهُ:

فَأَقَامَ بِالطَّعْنِ الْمُطَعَّنُ مِنْهُمُ … سَبْعُونَ عُتْبَةُ مِنْهُمُ وَالْأَسْوَدُ

يَعْنِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْمُ مَنْ قَتَلَهُ. وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمَخْزُومِيُّ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ سَرَدَ ابْنُ هِشَامٍ أَسْمَاءً أُخْرَى مِمَّنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ غَيْرَ مَنْ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فَزَادُوا عَلَى السِّتِّينَ فَقَوَّى مَا قُلْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ عَلَّقَ طَرَفًا مِنْهُ هُنَاكَ. وَأَوْرَدَهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بِتَمَامِهِ، فَأَحَلْتُ شَرْحَهُ عَلَى غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْهُ هَذِهِ الْقِطْعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا، وَسَأَذْكُرُ شَرْحَهَا فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ، حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ.

٣٨٩٩ - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنِّي لَفِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ الْتَفَتُّ فَإِذَا عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِّ، فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا، إِذْ قَالَ لِي أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ: يَا عَمِّ أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟