قَالَ: عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ. فَقَالَ لِي الْآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ. قَالَ: فَمَا سَرَّنِي أَنِّي بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَكَانَهُمَا فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ، فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ، وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَلِلْبَاقِينَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، فَجَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ ابْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، وَبِهِ جَزَمَ الْحَاكِمُ عَنْ مَشَايِخِهِ، ثُمَّ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ يَعْقُوبَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيَّ. قُلْتُ: وَسَيَأْتِي مَا يُقَوِّيهِ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ نَاظَرَنِي شَيْخُنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا رَوَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَجَزَمَ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْحَبَّالُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِمَا قَالَ أَبُو أَحْمَدَ، وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ السَّكَنِ هُنَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَهْمَلَهُ الْبَاقُونَ. وَجَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ بِأَنَّهُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَجَوَّزَ أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِنَّ يَعْقُوبَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرْحَلَ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ رَوَى لَهُ الْكَثِيرَ بِوَاسِطَةٍ، وَبَنَى الْكَرْمَانِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ: هَذَا السَّنَدُ مُسَلْسَلٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْآبَاءِ، وَمَالَ الْمِزِّيُّ إِلَى أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ انْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ وَفِي الْمَنَاقِبِ فِي بَابِ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْأَنْصَارِ: أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ التَّصْرِيحُ بِالرِّوَايَةِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ فَقَالَ الْبَرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ: يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَلَكِنْ سَقَطَتِ الْوَاسِطَةُ مِنَ النُّسْخَةِ؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. انْتَهَى. وَالرَّاجِحُ عَدَمُ السُّقُوطِ وَأَنَّهُ إِمَّا الدَّوْرَقِيُّ وَإِمَّا ابْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) أَبُوهُ هُوَ سَعدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ فِي الْبَابِ الْمَاضِي إِلَى أَنَّ صَالِحَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ، وَأَنَّهُ سَاقَهُ فِي الْخُمُسِ بِتَمَامِهِ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا أَيْ مِنَ الْعَدُوِّ. وَقِيلَ: مَكَانُهُمَا كِنَايَةٌ عَنْهُمَا، كَأَنَّهُ لَمْ يَثِقْ بِهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُمَا فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَا مِنَ الْعَدُوِّ. ثُمَّ وَجَدْتُ فِي مَغَازِي ابْنِ عَائِذٍ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ وَقَالَ فِيهَا: فَأَشْفَقْتُ أَنْ يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ نَاحِيَتِي لِكَوْنِي بَيْنَ غُلَامَيْنِ حَدِيثَيْنِ.
قَوْلُهُ: (الصَّقْرَيْنِ) بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْقَافِ تَثْنِيَةُ صَقْرٍ، وَهُوَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَأَحَدُ الْجَوَارِحِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الصَّقْرُ وَالْبَازِي وَالشَّاهِينَ وَالْعُقَابُ، وَشَبَهُهُمَا بِهِ لِمَا اشْتُهِرَ عَنْهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ وَالشَّهَامَةِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الصَّيْدِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا تَشَبَّثَ لشَيْءٍ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ وَأَوَّلُ مَنْ صَادَ بِهِ مِنَ الْعَرَبِ الْحَارِثُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرٍ الْكِنْدِيُّ، ثُمَّ اشْتُهِرَ الصَّيْدُ بِهِ بَعْدَهُ.
٣٩٨٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عمرو بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عَسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute