فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ مِثْلُ الْبَغَاثِ، يَعْنِي: بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ الْخَفِيفَةِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ وَهُوَ طَائِرٌ ضَعِيفُ الْجُثَّةِ كَالرَّخَمَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَصِيدُ وَلَا يُصَادُ.
قَوْلُهُ: (مُعْتَجِرٌ)، أَيْ: لَافٌّ عِمَامَتَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْنِيكٍ.
قَوْلُهُ: (يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ: ابْنُ الْعَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُنِي.
قَوْلُهُ: (أُمُّ قِتَالٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ خَفِيفَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِمُوَحَّدَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهِيَ عَمَّةُ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، أَيِ: ابْنُ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ.
قَوْلُهُ: (أَسَتَرْضِعُ لَهُ)، أَيْ: أَطْلُبُ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ، زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ أُمَّكَ السَّعْدِيَّةَ الَّتِي أَرْضَعَتْكَ بِذِي طَوَى، فَإِنِّي نَاوَلْتُكَهَا وَهِيَ عَلَى بَعِيرِهَا فَأَخَذَتْكَ، فَلَمَعَتْ لِي قَدَمُكَ حِينَ رَفَعْتُكَ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَقَفْتَ عَلَيَّ فَعَرَفْتُهَا، وَهَذَا يُوَضِّحُ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ: فَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ، يَعْنِي: أَنَّهُ شَبَّهَ قَدَمَيْهِ بِقَدَمِ الْغُلَامِ الَّذِي حَمَلَهُ فَكَانَ هُوَ هُوَ، وَبَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى ذَكَاءٍ مُفْرِطٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ بِالْقِيَافَةِ.
قَوْلُهُ: (أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ)، فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكُمَا كَمَا حَدَّثْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ سَأَلَنِي.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ) أَيْ قُرَيْشٌ وَمَنْ مَعَهُمْ (عَامَ عَيْنَيْنِ) أَيْ سَنَةَ أُحُدٍ، وَقَوْلُهُ: عَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، أَيْ: مِنْ نَاحِيَةِ أُحُدٍ، يُقَالُ: فُلَانٌ حِيَالَ كَذَا بِالْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ أَيْ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ. وَالسَّبَبُ فِي نِسْبَةِ وَحْشِيٍّ الْعَامَ إِلَيْهِ دُونَ أُحُدٍ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا نَزَلُوا عِنْدَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ جَبَلٍ بِبَطْنِ السَّبْخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مُقَابِلُ الْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: (خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ فَانْطَلَقْتُ يَوْمَ أُحُدٍ مَعِي حَرْبَتِي، وَأَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ أَلْعَبُ لَعِبَهُمْ، قَالَ: وَخَرَجْتُ مَا أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ وَلَا أُقَاتِلَ إِلَّا حَمْزَةَ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَذْفَ الْحَبَشَةِ قَلَّمَا يُخْطِئُ.
قَوْلُهُ: (خَرَجَ سِبَاعٌ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيُّ ثُمَّ الْغُبْشَانِيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ، ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو نِيَارٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: فَإِذَا حَمْزَةُ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ مَا يَرْفَعُ لَهُ أَحَدٌ إِلَّا قَمَعَهُ بِالسَّيْفِ، فَهِبْتُهُ. وَبَادَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ سِبَاعٍ كَذَا قَالَ، وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ هُوَ الصَّوَابُ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَجَعَلَ يَهِدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا إِذَا حَمَلَ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَهْزِمَنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَمْزَةُ. قُلْتُ: هَذَا حَاجَتِي.
قَوْلُهُ: (يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ هِيَ أُمُّهُ، كَانَتْ مَوْلَاةً لِشُرَيْقِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ وَالِدِ الْأَخْنَسِ.
قَوْلُهُ: (مُقَطِّعَةَ الْبُظُورِ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ بَظْرٍ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي تُقْطَعُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِتَانِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ أُمُّهُ خَتَّانَةً بِمَكَّةَ تَخْتِنُ النِّسَاءَ، اهـ. وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ هَذَا اللَّفْظَ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ، وَإِلَّا قَالُوا: خَاتِنَةً، وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهَا أُمُّ سِبَاعٍ وَعَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيِّ، وَكَانَتْ أَمَةً وَهِيَ وَالِدَةُ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ.
قَوْلُهُ: (أَتُحَادُّ) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، أَيْ: أَتُعَانِدُ، وَأَصْلُ الْمُحَادَدَةِ أَنْ يَكُونَ ذَا فِي حَدٍّ وَذَا فِي حَدٍّ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالْمُعَادَاةِ. وَقَوْلُهُ: كَأَمْسِ الذَّاهِبِ هِيَ كِنَايَةٌ عَنْ قَتْلِهِ أَيْ صَيَّرَهُ عَدَمًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَكَأَنَّمَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ وَهَذَا يُقَالُ عِنْدَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِصَابَةِ.
قَوْلُهُ: (وَكَمَنْتُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيِ اخْتَفَيْتُ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَائِذٍ: عِنْدَ شَجَرَةٍ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ حَمْزَةَ عَثَرَ فَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ فَأَبْصَرَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَرَمَاهُ بِالْحَرْبَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي ثُنَّتِهِ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ