وَتَشْدِيدِ النُّونِ هِيَ الْعَانَةُ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ، وَلِلطَّيَالِسِيِّ فَجَعَلْتُ أَلُوذُ مِنْ حَمْزَةَ بِشَجَرَةٍ وَمَعِي حَرْبَتِي حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ هَزَزْتُ الْحَرْبَةَ حَتَّى رَضِيتُ مِنْهَا، ثُمَّ أَرْسَلْتُهَا فَوَقَعَتْ بَيْنَ ثَنْدُوَتَيْهِ، وَذَهَبَ يَقُومُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ اهـ. وَالثَّنْدُوَةُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ خَفِيفَةٌ هِيَ مِنَ الرَّجُلِ مَوْضِعُ الثَّدْيِ مِنَ الْمَرْأَةِ. وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْحَرْبَةَ أَصَابَتْ ثُنَّتَهُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ) أَيْ إِلَى مَكَّةَ، زَادَ الطَّيَالِسِيُّ: فَلَمَّا جِئْتُ عَتَقْتُ، وَلِابْنِ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ عَتَقْتُ، وَإِنَّمَا قَتَلْتُهُ لِأُعْتَقَ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ هَرَبْتُ إِلَى الطَّائِفِ.
قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا خَرَجَ وَفْدُ الطَّائِفِ لِيُسْلِمُوا تَغَمَّتْ عَلَيَّ الْمَذَاهِبُ فَقُلْتُ: أَلْحَقُ بِالْيَمَنِ أَوِ الشَّامِ أَوْ غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (رُسُلًا) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الْوَقْتِ، وَلِغَيْرِهِمَا رَسُولًا بِالْإِفْرَادِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ مِنَ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَأَسْلَمَ، وَرَجَعَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ نَدِمُوا فَأَرْسَلُوا وَفْدَهُمْ - وَهُمْ عَمْرُو بْنُ وَهْبِ بْنِ مُغِيثٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ غَيْلَانَ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَعَبْدُ يَالَيْلِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنَ الْأَحْلَافِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَأَوْسُ بْنُ عَوْفٍ، وَنُمَيْرُ بْنُ حَرِشَةَ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مُطَوَّلًا، وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَفْدَ كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا، وَكَانَ السِّتَّةُ رُؤَسَاءَهُمْ، وَقِيلَ: كَانَ الْجَمِيعُ سَبْعَةَ عَشَرَ، قَالَ: وَهُوَ أَثْبَتُ.
قَوْلُهُ: (فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ)، أَيْ: لَا يَنَالُهُمْ مِنْهُ إِزْعَاجٌ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: فَأَرَدْتُ الْهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: وَيْحَكَ، وَاللَّهِ مَا يَأْتِي مُحَمَّدًا أَحَدٌ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ إِلَّا خَلَّى عَنْهُ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَمَا شَعَرَ بِي إِلَّا وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ أَشْهَدُ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ فَلَمْ يَرُعْهُ إِلَّا بِي قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ بَلَغَكَ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ فَقَالَ: وَيْحَكَ، حَدِّثْنِي عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ. قَالَ: فَأَنْشَأْتُ أُحَدِّثُهُ كَمَا حَدَّثْتُكُمَا، وَعِنْدَ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمَغَازِي عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: هَذَا وَحْشِيٌّ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَلَإِسْلَامُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِ أَلْفِ كَافِرٍ.
قَوْلُهُ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي)، فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: فَقَالَ: غَيِّبْ وَجْهَكَ عَنِّي فَلَا أَرَاكَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: فَخَرَجْتُ) زَادَ الطَّيَالِسِيُّ: فَكُنْتُ أَتَّقِي أَنْ يَرَانِي. وَلِابْنِ عَائِذٍ: فَمَا رَآنِي حَتَّى مَاتَ. وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: فَقَالَ: يَا وَحْشِيُّ، اخْرُجْ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا كُنْتَ تَصُدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُسَيْلِمَةَ مَا كَانَ انْبَعَثْتُ مَعَ الْبَعْثِ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي وَلِابْنِ إِسْحَاقَ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ: (فَأُكَافِئُ بِهِ حَمْزَةَ) بِالْهَمْزِ، أَيْ: أُسَاوِيهِ بِهِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: فَقَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ وَشَرَّ النَّاسِ، قَوْلُهُ: فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، أَيْ: مِنْ مُحَارَبَتِهِ، وَقَتْلِ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْوَقِعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ لِلْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ) أَيْ خَلَلِ جِدَارٍ.
قَوْلُهُ: (جَمَلٌ أَوْرَقُ) أَيْ لَوْنُهُ مِثْلُ الرَّمَادِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ غُبَارِ الْحَرْبِ. وَقَوْلُهُ: ثَائِرُ الرَّأْسِ أَيْ شَعْرُهُ مُنْتَفِشٌ.
قَوْلُهُ: (فَوَضَعْتُهَا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَأَضَعُهَا.
قَوْلُهُ: (وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْوَاقِدِيُّ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْحَاكِمُ، وَقِيلَ: هُوَ عَدِيُّ بْنُ سَهْلٍ جَزَمَ بِهِ سَيْفٌ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ، وَقِيلَ: أَبُو دُجَانَةَ، وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. والْأَوَّلُ أَشْهُرُ، وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ الَّذِي أَصَابَتْهُ ضَرْبَتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَحَمَلَا عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ. وَأَغْرَبَ وَثِيمَةُ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ فَزَعَمَ أَنَّ الَّذِي ضَرَبَ مُسَيْلِمَةَ هُوَ شَنٌّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنْشَدَ لَهُ: