للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَالُ عَاصِمٍ لَا جَدُّهُ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ يُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى الصَّوَابِ بِأَنْ يُقْرَأَ جِدُّ بِالْكَسْرِ، وَأَمَّا هَذِهِ فَلَا حِيلَةَ فِيهَا. وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: تَزَوَّجَ عُمَرُ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ) بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَلِحْيَانُ هُوَ ابْنُ هُذَيْلٍ نَفْسِهِ، وَهُذَيْلٌ هُوَ ابْنُ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ. وَزَعَمَ الْهَمْدَانِيُّ النَّسَّابَةُ أَنَّ أَصْلَ بَنِي لِحْيَانَ مِنْ بَقَايَا جُرْهُمَ دَخَلُوا فِي هُذَيْلٍ فَنُسِبُوا إِلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ)، فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الْجِهَادِ: فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ بِأَنْ تَكُونَ الْمِائَةُ الْأُخْرَى غَيْرَ رُمَاةٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ فِي مَغَازِيهِ: فَنَزَلُوا بِالرَّجِيعِ سَحَرًا، فَأَكَلُوا تَمْرَ عَجْوَةٍ فَسَقَطَتْ نَوَاةٌ بِالْأَرْضِ، وَكَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النَّهَارَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ تَرْعَى غَنَمًا، فَرَأَتِ النَّوَاةَ فَأَنْكَرَتْ صِغَرَهَا، وَقَالَتْ: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ، فَصَاحَتْ فِي قَوْمِهَا: أُتِيتُمْ، فَجَاءُوا فِي طَلَبِهِمْ فَوَجَدُوهُمْ قَدْ كَمَنُوا فِي الْجَبَلِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى لَحِقُوهُمْ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ: فَلَمْ يُرَعِ الْقَوْمُ إِلَّا بِالرِّجَالِ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشَوْهُمْ.

قَوْلُهُ: (لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدَ) بِفَاءَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَهِيَ الرَّابِيَةُ الْمُشْرِفَةُ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ إِلَى قَرْدَدَ بِقَافٍ وَرَاءٍ وَدَالَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ، وَيُقَالُ: الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (فَقَالُوا: لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا)، فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ: فَقَالُوا لَهُمْ: إنا وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ قِتَالَكُمْ، إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ) فِي مُرْسَلِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: فَقَالَ عَاصِمٌ: الْيَوْمَ لَا أَقْبَلُ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا رَسُولَكَ) فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ، فَأَخْبَرَ رَسُولَهُ خَبَرَهُ، فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ يَوْمَ أُصِيبُوا، وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ: فَقَالَ عَاصِمٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمِي لَكَ اليوم دِينَكَ، فَاحْمِ لِي لَحْمِي، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (فِي سَبْعَةٍ)، أَيْ: فِي جُمْلَةِ سَبْعَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ خُبَيْبٌ، وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَأَمَّا خُبَيْبُ بْنُ عَدِيِّ، وزيد بن الدَّثِنَّةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَاسْتَأْسَرُوا، وَعُرِفَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الرَّجُلِ الثَّالِثِ، وَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُمْ صَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ.

قَوْلُهُ: (فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ إِلَخْ)، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ أَوَّلَ مَا أَسَرُوهُمْ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَخَرَجُوا بِالنَّفَرِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ يَدَهُ وَأَخَذَ سَيْفَهُ، فَذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا رَبَطُوا بَعْدَ أَنْ وَصَلُوا إِلَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَابْنِ سَعْدٍ: فَأَمَّا زَيْدٌ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَهُ نَسْطَاسُ مَوْلَى صَفْوَانَ.

قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ) بَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى شِرَاءَهُ هُوَ حُجَيْنُ بْنُ أَبِي إِهَابِ التَّمِيمِيُّ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلٍ، وَكَانَ أَخَا الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ لِأُمِّهِ، وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّهُمُ اشْتَرَوْا خُبَيْبًا بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ، وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ بَاعُوهُمَا بِأَسِيرَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ كَانَا بِمَكَّةَ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ)، كَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ، فَذَكَرَ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ اعْتِمَادٌ مُتَّجَهٌ، لَكِنْ تَعَقَّبَهُ الدِّمْيَاطِيُّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ شَهِدَ بَدْرًا وَلَا قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ،