ﷺ خَبَرُهُمْ) قَدْ ظَهَرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ، وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ الْمَذْكُورَةِ فَجَاءَ خَبَرُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَأُصِيبَ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ) أَيِ ابْنُ أَبِي حَبِيبِ بْنِ حَارِثَةَ السُّلَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (فَسُمِّيَ عُرْوَةُ بِهِ) قِيلَ: الْمُرَادُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَ الزُّبَيْرُ سَمَّى ابْنَهُ عُرْوَةَ لَمَّا وُلِدَ لَهُ بِاسْمِ عُرْوَةَ بْنِ أَسْمَاءَ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ بَيْنَ قَتْلِ عُرْوَةَ بْنِ أَسْمَاءَ وَمَوْلِدِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِضْعَةَ عَشَرَ عَامًا، وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ هَذَا بِطُولِ الْمُدَّةِ وَبِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَ الزُّبَيْرِ، وَعُرْوَةَ بْنِ أَسْمَاءَ.
قَوْلُهُ: (وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو) أَيِ ابْنُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ لَوْذَانَ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ (سُمِّيَ بِهِ مُنْذِرًا) كَذَا ثَبَتَ بِالنَّصْبِ، وَالْأَوَّلُ سُمِّيَ بِهِ مُنْذِرُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، أَيْ أَنَّ الزُّبَيْرَ سَمَّى ابْنَهُ مُنْذِرًا بِاسْمِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو هَذَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الزُّبَيْرُ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ أَبُو أَسِيدٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِابْنٍ لِأَبِي أَسِيدٍ فَقَالَ: مَا اسْمُهُ؟ قَالُوا: فُلَانٌ، قَالَ: بَلْ هُوَ الْمُنْذِرُ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالُوا: إِنَّهُ سَمَّاهُ الْمُنْذِرَ تَفَاؤُلًا بِاسْمِ عَمِّ أَبِيهِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ اسْتُشْهِدَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، فَتَفَاءَلَ بِهِ لِيَكُونَ خَلَفًا مِنْهُ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ الْبَحْثَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي عُرْوَةَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَجَّهَ النَّصْبُ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ فِي إِقَامَةِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: بِهِ مَقَامَ الْفَاعِلِ كَمَا قُرِئَ: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ وَمِنَ الْمُنَاسَبَةِ هُنَا أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ هُوَ عُرْوَةُ ابْنُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عُرْوَةُ ابْنَ أَسْمَاءَ نَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِ عُرْوَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، وَلَمَّا سَمَّى الزُّبَيْرُ ابْنَهُ بِاسْمِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ نَاسَبَ أَنْ يُسَمِّيَ الْآخَرَ بِاسْمِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا زَايٌ اسْمُهُ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ مُخْتَصَرَةٌ لِمَا ظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ مُخْتَصَرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ فُلَانًا) كَأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَتْرِ.
قَوْلُهُ: (إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَبِينَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ، فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ) هَكَذَا سَاقَهُ هُنَا، وَقَوْلُهُ قِبَلَهُمْ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ أَيْ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَأَوْرَدَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَتْرِ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِوَاضِحٍ، وَقَدْ سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مُبَيَّنًا فَأَوْرَدَهُ يُوسُفُ الْقَاضِي، عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْعَهْدُ غَيْرُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ مَشَايِخِهِ وَكَذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَصْحَابَ الطَّائِفَتَيْنِ وَأَنَّ أَصْحَابَ الْعَهْدِ هُمْ بَنُو عَامِرٍ وَرَأْسُهُمْ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِمُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَهُوَ ابْنُ أَخِي مُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ أَرَادَ الْغَدْرَ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَدَعَا بَنِي عَامِرٍ إِلَى قِتَالِهِمْ، فَامْتَنَعُوا وَقَالُوا: لَا نَخْفِرُ ذِمَّةَ أَبِي بَرَاءٍ.
فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ عُصَيَّةَ، وَذَكْوَانَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَطَاعُوهُ وَقَتَلُوهُمْ، وَذَكَرَ لِحَسَّانَ شِعْرًا يَعِيبُ فِيهِ أَبَا بَرَاءٍ وَيُحَرِّضُهُ عَلَى قِتَالِ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فِيمَا صَنَعَ فِيهِ، فَعَمِدَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي بَرَاءٍ إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ فَأَرْدَاهُ، فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: إِنْ عِشْتُ نَظَرْتُ فِي أَمْرِي، وَإِنْ مُتُّ فَدَمِي لِعَمِّي. قَالُوا: وَمَاتَ أَبُو بَرَاءٍ عَقِبَ ذَلِكَ أَسَفًا عَلَى مَا صَنَعَ بِهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَعَاشَ عَامِرُ بْنُ