اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا … وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا … وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا.
٤١٠٧ - حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄ قَالَ "أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ"
الْحَدِيثُ السَّادِسُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ ﵂: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ قَالَتْ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ) هَكَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا، وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ قَالَ: عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ. ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ. وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي صِفَةَ نُزُولِهِمْ قَالَ: نَزَلَتْ قُرَيْشٌ بِمُجْتَمَعِ السُّيُولِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَحَابِيشِهِمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ وَتِهَامَةَ، وَنَزَلَ عُيَيْنَةُ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ بِبَابِ نُعْمَانَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سِلَعَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ، وَجَعَلَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ فِي الْآطَامِ، قَالَ: وَتَوَجَّهَ حُيَيُّ بْنُ أَخَطَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى غَدَرُوا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ غَدْرُهُمْ فَاشْتَدَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُعْطِيَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالَا: كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى الشِّرْكِ لَا يَطْمَعُونَ مِنَّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَكَيْفَ نَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ ﷿ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّنَا بِكَ؟ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا، مَا لَنَا بِهَذَا مِنْ حَاجَةٍ، وَلَا نُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ.
فَاشْتَدَّ بِالْمُسْلِمِينَ الْحِصَارُ، حَتَّى تَكَلَّمَ مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِالنِّفَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا﴾ الْآيَاتُ. قَالَ: وَكَانَ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ: وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلَّا مُرَامَاةٌ بِالنَّبْلِ لَكِنْ كَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيُّ اقْتَحَمَ هُوَ وَنَفَرٌ مَعَهُ خُيُولُهُمْ مِنْ نَاحِيَةٍ ضَيِّقَةٍ مِنَ الْخَنْدَقِ حَتَّى صَارُوا بِالسَّبْخَةِ فَبَارَزَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ، وَبَرَزَ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ فَبَارَزَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، وَيُقَالُ: قَتَلَهُ عَلِيٌّ. وَرَجَعَتْ بَقِيَّةُ الْخُيُولِ مُنْهَزِمَةً. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِحُذَيْفَةَ: أَدْرَكْتُمْ رَسُولَ اللَهِ ﷺ وَلَمْ نُدْرِكْهُ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَا تَدْرِي لَوْ أَدْرَكْتَهُ كَيْفَ تَكُونُ، لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مَطِيرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ يَذْهَبُ فَيَعْلَمُ لَنَا عِلْمَ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ أَحَدٌ، فَقَالَ لَنَا الثَّانِيَةَ: جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقِي. فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ابْعَثْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اذْهَبْ. فَقُلْتُ: أَخْشَى أَنْ أُؤْسَرَ، قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُؤْسَرَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ انْطَلَقَ: وَأَنَّهُمْ تَجَادَلُوا، وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ بِنَاءً إِلَّا هَدَمَتْهُ وَلَا إِنَاءً إِلَّا أَكْفَأَتْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سَرِيعِ بْنِ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ وَفِيهِ: أن عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ صَارَ يَقُولُ: يَا آلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute