يُجْزِئُ فِي الْقِتَالِ. فقَالَ: هُوَ فِي النَّارِ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ فُلَانٌ فِي عِبَادَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَلِينِ جَانِبِهِ فِي النَّارِ، فَأَيْنَ نَحْنُ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَخَبَاثُ النِّفَاقِ. قَالَ: فَكُنَّا نَتَحَفَّظُ عَلَيْهِ فِي الْقِتَالِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ: لَأَتْبَعَنَّهُ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَكْثَمُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ كَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ حَدِيثِهِ.
قَوْلُهُ: (فَجُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا) زَادَ فِي حَدِيثِ أَكْثَمَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِ اسْتُشْهِدَ فُلَانٌ. قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ.
قَوْلُهُ: (فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ: فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ، وَفِي حَدِيثِ أَكْثَمَ: أَخَذَ سَيْفَهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) زَادَ فِي حَدِيثِ أَكْثَمَ: تُدْرِكُهُ الشَّقَاوَةُ وَالسَّعَادَةُ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِهَا، وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْكَلَامِ الْأَخِيرِ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَوْلُهُ: (شَهِدْنَا خَيْبَرَ) أَرَادَ جَيْشَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ بَعْدَ فَتْحِ مُعْظَمِ خَيْبَرَ فَحَضَرَ فَتْحَ آخِرِهَا، لَكِنْ مَضَى فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْهِمْ لِي، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ آخِرَ هَذَا الْبَابِ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ)؛ أَيْ عَنْ رَجُلٍ، وَاللَّامُ قَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى عَنْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى فِي؛ أَيْ فِي شَأْنِهِ أَيْ سَبَبِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ قَوْلُهُ: (فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فِي الْجِهَادِ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَفِيهِ دُخُولُ أَنْ عَلَى خَبَرِ كَادَ، وَهُوَ جَائِزٌ مَعَ قِلَّتِهِ.
قَوْلُهُ: (قُمْ يَا فُلَانُ) هُوَ بِلَالٌ كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْقَدَرِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: لَيُؤَيِّدُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: يَجُوزُ فِي أنَّ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا.
قَوْلُهُ: (بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ بِهِ قُزْمَانُ الْمَذْكُورُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ)؛ أَيْ تَابَعَ شُعَيْبًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْجِهَادِ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ شَبِيبٌ)؛ أَيِ ابْنُ سَعِيدٍ (عَنْ يُونُسَ)؛ أَيِ ابْنِ يَزِيدَ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ)؛ أَيِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
قَوْلُهُ: (شَهِدْنَا حُنَيْنًا) يُرِيدُ أَنَّ يُونُسَ خَالَفَ مَعْمَرًا، وَشُعَيْبًا فَذَكَرَ بَدَلَ خَيْبَرَ لَفْظَةَ: حُنَيْنٍ، وَرِوَايَةُ شَبِيبٍ هَذِهِ وَصَلَهَا النَّسَائِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرَفٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَأَوْرَدَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ بِتَمَامِهِ، وَأَحْمَدُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْرَ هَذَا، وَقَدْ وَافَقَ يُونُسُ، مَعْمَرًا، وَشُعَيْبًا فِي الْإِسْنَادِ، لَكِنْ زَادَ فِيهِ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنْهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَعْنِي وَافَقَ شَبِيبًا فِي لَفْظِ حُنَيْنٍ وَخَالَفَهُ فِي الْإِسْنَادِ فَأَرْسَلَ الْحَدِيثَ، وَطَرِيقُ ابْنِ الْمُبَارَكِ هَذِهِ وَصَلَهَا فِي الْجِهَادِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا تَعْيِينَ الْغَزْوَةِ.
قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ صَالِحٌ) يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ. قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ بَعْضَ مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ: هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ الْحَدِيثَ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَابَعَةِ أَنَّ صَالِحًا تَابَعَ رِوَايَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ فِي تَرْكِ ذِكْرِ اسْمِ الْغَزْوَةِ، لَا فِي بَقِيَّةِ الْمَتْنِ وَلَا فِي الْإِسْنَادِ. وَقَدْ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ