للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَت: كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ وَالصَّفِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، فَسَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يُضْرَبُ لِلنَّبِيِّ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَالصَّفِيُّ يُؤْخَذُ لَهُ رَأْسٌ مِنَ الْخُمُسِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ سَهْمٌ يُدْعَى الصَّفِيَّ إِنْ شَاءَ عَبْدًا وَإِنْ شَاءَ أَمَةً وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا، يَخْتَارُهُ مِنَ الْخُمُسِ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: كَانَ النَّبِيُّ إِذَا غَزَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ صَافٍ يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، وَكَانَتْ صَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ، وَقِيلَ: إِنَّ صَفِيَّةَ كَانَ اسْمُهَا قَبْلَ أَنْ تُسْبَى زَيْنَبَ، فَلَمَّا صَارَتْ مِنَ الصَّفِيِّ سُمِّيَتْ صَفِيَّةَ.

قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ) أَمَّا سَدٌّ فَبِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِضَمِّهَا، وَأَمَّا الصَّهْبَاءُ فَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْغَفَّارِ هُنَا: سَدُّ الرَّوْحَاءِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَهِيَ رِوَايَةُ قُتَيْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ، وَرِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ. وَالرَّوْحَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ مَكَانٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ بَيْنَهُمَا نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي أَوَاخِرِ الْمَسَاجِدِ، وَقِيلَ: بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ مَكَانٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: الرَّوْحَاءُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَيْسَتْ قُرْبَ خَيْبَرَ، فَالصَّوَابُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ أَنَّهَا الصَّهْبَاءُ، وَهِيَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ خَيْبَرَ؛ قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (حَلَّتْ)؛ أَيْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْبُيُوعِ قُبَيْلَ كِتَابِ السَّلَمِ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ وَصَلَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ: قَالَ أَنَسٌ: وَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّي أُمِّ سُلَيْمٍ حَتَّى تُهَيِّئَهَا وَتُصَبِّنَهَا وَتَعْتَدَّ عِنْدَهَا، وَإِطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مَجَازٌ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (فَبَنَى بِهَا) يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَشَرْحُ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَزْوِيجِ صَفِيَّةَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (يُحَوِّي لَهَا) بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ؛ أَيْ يَجْعَلُ لَهَا حَوِيَّةً، وَهِيَ كِسَاءٌ مَحْشُوَّةٌ تُدَارُ حَوْلَ الرَّاكِبِ.

قَوْلُهُ: (وَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ) وَزَادَ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي الْجِهَادِ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ أُحُدٍ وَذِكْرَ الدُّعَاءِ لِلْمَدِينَةِ، وَفِي أَوَّلِهِ أَيْضًا التَّعَوُّذَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هُنَاكَ أَمَاكِنَ شَرْحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. وَوَقَعَ فِي مَغَازِي أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ لَهَا فَخِذَهُ لِتَرْكَبَ، فَأَجَلَّتْ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضَعَ رِجْلَهَا عَلَى فَخِذِهِ، فَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخِذِهِ وَرَكِبَتْ.

الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ:

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ. وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ.

قَوْلُهُ: (أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا) الْمُرَادُ أَنَّهُ أَقَامَ فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أَعْرَسَ بِهَا فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَا أَنَّهُ سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْرَسَ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنَّ الصَّهْبَاءَ قَرِيبَةٌ مِنْ خَيْبَرَ، وَبَيَّنَ ابْنُ سَعْدٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَتِهَا أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي بَنَى بِهَا فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَيْبَرَ سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ أَعْرَسَ بِصَفِيَّةَ بِسَدِّ الصَّهْبَاءِ، وَهُوَ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: بِطَرِيقِ خَيْبَرَ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ: أَقَامَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا.

الطريق الثالثة:

قَوْلُهُ: (قَامَ النَّبِيُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ السَّرَخْسِيِّ، وَلِلْبَاقِينَ: أَقَامَ وَهُوَ أَوْجَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا. . . إِلَخْ) سَيَأْتِي شَرْحُهُ وَاضِحًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.