وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ - أَوْ فِي أَرْضِ - الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ ﷺ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ.
٤٢٣١ - "فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا قُلْتِ لَهُ قَالَتْ قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنْ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ"
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ "قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي"
٤٢٣٢ - قَالَ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قال النبي ﷺ: "إِنِّي لَاعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ أَوْ قَالَ الْعَدُوَّ قَالَ لَهُمْ إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ"
الْحَدِيثُ الثَّانِي والْعِشْرُونَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى.
قَوْلُهُ: (بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ شَأْنُ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَهَذَا إِنْ كَانَ أَرَادَ بِالْمَخْرَجِ الْبَعْثَةَ، وَإِنْ أَرَادَ الْهِجْرَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ فَأَسْلَمُوا وَأَقَامُوا بِبِلَادِهِمْ إِلَى أَنْ عَرَفُوا بِالْهِجْرَةِ فَعَزَمُوا عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا تَأَخَّرُوا هَذِهِ الْمُدَّةَ إِمَّا لِعَدَمِ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَإِمَّا لِعِلْمِهِمْ بِمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ مِنَ الْمُحَارَبَةِ مَعَ الْكُفَّارِ، فَلَمَّا بَلَغَتْهُمُ الْمُهَادَنَةُ آمَنُوا وَطَلَبُوا الْوُصُولَ إِلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: خَرَجْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى جِئْنَا مَكَّةَ أَنَا وَأَخُوكَ وَأَبُو عَامِرِ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو رُهْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ وَخَمْسُونَ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَسِتَّةٌ مِنْ عَكَّ، ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ مَرُّوا بِمَكَّةَ فِي حَالِ مَجِيئِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا دَخَلُوا مَكَّةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْهُدْنَةِ.
قَوْلُهُ: (أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ؛ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ) أَمَّا أَبُو بُرْدَةَ فَاسْمُهُ عَامِرٌ، وَلَهُ حَدِيثٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مُوسَى - وَهُوَ ابْنُ أَخِيهِ - عَنْهُ، وَأَمَّا أَبُو رُهْمٍ فَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَاسْمُهُ مَجْدِيٌّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَجَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الصَّحَابَةُ بِأَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ، وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلُ مِنَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ أَبِي رُهْمٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ. وَذَكَرَ ابْنُ قَانِعٍ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ أَخْبَرُوهُ وَحَقَّقُوا لَهُ وَكَتَبُوا خُطُوطَهُمْ أَنَّ اسْمَ أَبِي رُهْمٍ مُجِيلَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ خَفِيفَةٌ ثُمَّ لَامٌ ثُمَّ هَاءٌ.
قَوْلُهُ: (إِمَّا قَالَ: بِضْعًا، وَإِمَّا قَالَ: ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: مِنْ قَوْمِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلُ أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسِينَ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَهُمْ قَوْمُهُ، فَلَعَلَّ الزَّائِدَ عَلَى ذَلِكَ هُوَ وَإِخْوَتُهُ، فَمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute