للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا) زَادَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ: وَلَبَايَعْنَاكَ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ: مَا مَنَعْنَاكَ بَيْتَهُ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: لَوْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: لَاتَّبَعْنَاكَ، وَفِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ: فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ فِي الْمَغَازِي: فَقَالَ سُهَيْلٌ: ظَلَمْنَاكَ إِنْ أَقْرَرْنَا لَكَ بِهَا وَمَنَعْنَاكَ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ إِنْ كُنْتَ رَسُولًا.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ وَكَذَا حَدِيثُ الْمِسْوَرٍ: وَلَكِنِ اكْتُبْ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَكَذَا فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ: وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، زَادَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: فَقَالَ: اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُ رَسُولَ اللَّهِ)؛ أَيِ امْحُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ قِيسٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبَ النَّبِيِّ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَتَبْتُ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاهُ، امْحُهَا. فَقُلْتُ: هُوَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُكَ، لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوهَا وَكَأَنَّ عَلِيًّا فَهِمَ أَنَّ أَمْرَهُ لَهُ بِذَلِكَ لَيْسَ مُتَحَتِّمًا، فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنِ امْتِثَالِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بَعْدُ: فَقَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهُ أَبَدًا. قَالَ: فَأَرَنِيهِ، فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَمَحَا النَّبِيُّ بِيَدِهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَزَادَ: وَق الَ: أَمَا أنَّ لَكَ مِثْلَهَا، وَسَتَأْتِيهَا وَأَنْتَ مُضْطَرٌّ يُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْحَكَمَيْنِ، فَكَانَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الصُّلْحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَتْ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ: ولَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ وَلِهَذَا أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَبِي مَسْعُودٍ نِسْبَتَهَا إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ: لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَلَا فِي مُسْلِمٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ عَنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِلَفْظِ: فَأَرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، انْتَهَى. وَقَدْ عَرَفْتُ ثُبُوتَهَا فِي الْبُخَارِيِّ فِي مَظِنَّةِ الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى مِثْلَ مَا هُنَا سَوَاءً، وَكَذَا أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ، عَنْ حُجَيْنِ بْنِ الْمَثْنَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَلَفْظُهُ: فَأَخَذَ الْكِتَابَ - وَلَيْسَ يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ - فَكَتَبَ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَرَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَأَنَّ الَّذِي قَالَهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:

بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بِآخِرَةٍ … وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَتَبَا

فَجَمَعَهُمُ الْأَمِيرُ فَاسْتَظْهَرَ الْبَاجِيُّ عَلَيْهِمْ بِمَا لَدَيْهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ لِلْأَمِيرِ: هَذَا لَا يُنَافِي الْقُرْآنَ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ النَّفْيَ بِمَا قَبْلَ وُرُودِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ وَبَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَتْ أُمِّيَّتُهُ وَتَقَرَّرَتْ بِذَلِكَ مُعْجِزَتُهُ وَأُمِنَ الِارْتِيَابَ فِي ذَلِكَ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ فَتَكُونُ مُعْجِزَةً أُخْرَى. وَذَكَرَ ابْنُ دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ، مِنْهُمْ شَيْخُهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ، وَأَبُو الْفَتْحِ النَّيْسَابُورِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ إِفْرِيقِيَةَ وَغَيْرِهَا، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي