شَيْئًا مِنَ الْقِتَالِ، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ، مَسْلَمَةُ بْنُ الْمَيْلَاءِ الْجُهَنِيُّ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَانْهَزَمُوا، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ حَمَّاسُ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِدٍ الْبَكْرِيُّ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ هِيَ لِلمرعاشِ الْهُذَلِيِّ - يُخَاطِبُ امْرَأَتَهُ حِينَ لَامَتْهُ عَلَى الْفِرَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكِ لَوْ شَهِدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ … إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ
وَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ … يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ
ضَرْبًا فَلَا يُسْمَعُ إِلَّا غَمْغَمَهْ … لَمْ تَنْطِقِي فِي اللُّوَّمِ أَدْنَى كَلِمَهْ
وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: وَانْدَفَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَقَدْ تَجَمَّعَ بِهَا بَنُو بَكْرٍ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةٍ وَنَاسٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَمِنَ الْأَحَابِيشِ الَّذِينَ اسْتَنْصَرَتْ بِهِمْ قُرَيْشٌ، فَقَاتَلُوا خَالِدًا، فَقَاتَلَهُمْ، فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ نَحْوُ عِشْرِينَ رَجُلًا وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ، حَتَّى انْتَهَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الْحَزْوَرَةِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى دَخَلُوا فِي الدُّورِ، وَارْتَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الْجِبَالِ، وَصَاحَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ، قَالَ: وَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْبَارِقَةِ فَقَالَ: مَا هَذَا وَقَدْ نُهِيتُ عَنِ الْقِتَالِ؟ فَقَالُوا: نَظُنُّ أَنَّ خَالِدًا قُوتِلَ وَبُدِئَ بِالْقِتَالِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُقَاتِلَ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ أَنِ اطْمَأَنَّ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: لِمَ قَاتَلْتَ وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ؟ فَقَالَ: هُمْ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيَّ مَا اسْتَطَعْتُ. فَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ عِدَّةَ مَنْ أُصِيبَ مِنَ الْكُفَّارِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا، وَمِنْ هُذَيْلٍ خَاصَّةً أَرْبَعَةٌ، وَقِيلَ: مَجْمُوعُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ الْحَدِيثَ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَقْتُلُ، فَقَالَ: قُمْ يَا فُلَانُ فَقُلْ لَهُ فَلْيَرْفَعِ الْقَتْلَ، فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ اقْتُلْ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ سَبْعِينَ ثُمَّ اعْتَذَرَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ، فَسَكَتَ قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ أُمَرَاءَهُ أَنْ لَا يَقْتُلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ أَهْدَرَ دَمَ نَفَرٍ سَمَّاهُمْ. وَقَدْ جَمَعْتُ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ مُفَرَّقَاتِ الْأَخْبَارِ وَهُمْ: عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ خَطَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْدٍ بِنُونٍ وَقَافٍ مُصَغَّرٌ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةِ بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ، وَهَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَقَيْنَتَانِ كَانَتَا لِابْنِ خَطَلٍ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهَجْوِ النَّبِيِّ ﷺ، وَسَارَةُ مَوْلَاةُ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَهِيَ الَّتِي وُجِدَ مَعَهَا كِتَابُ حَاطِبٍ. فَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَكَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ شَفَعَ فِيهِ عُثْمَانُ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَحَقَنَ دَمَهُ وَقَبِلَ إِسْلَامَهُ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَفَرَّ إِلَى الْيَمَنِ فَتَبِعَتْهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَرَجَعَ مَعَهَا بِأَمَانٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَأَمَّا الْحُوَيْرِثُ فَكَانَ شَدِيدَ الْأَذَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ يَوْمَ الْفَتْحِ.
وَأَمَّا مَقِيسٌ بْنُ صُبَابَةَ فَكَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ عَدَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ قَتَلَ أَخَاهُ هِشَامًا خَطَأً، فَجَاءَ مَقِيسٌ فَأَخَذَ الدِّيَةَ ثُمَّ قَتَلَ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَتَلَهُ نُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْفَتْحِ. وَأَمَّا هَبَّارٌ فَكَانَ شَدِيدَ الْأَذَى لِلْمُسْلِمِينَ وَعَرَضَ لِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمَّا هَاجَرَتْ فَنَخَسَ بَعِيرَهَا فَأُسْقِطَتْ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ ﷺ دَمَهُ أَعْلَنَ بِالْإِسْلَامِ فَقَبِلَ مِنْهُ فَعَفَا عَنْهُ. وَأَمَّا الْقَيْنَتَانِ فَاسْمُهُمَا فَرْتَنَى وَقَرِينَةُ، فَاسْتُؤْمِنَ لِإِحْدَاهُمَا فَأَسْلَمَتْ وَقُتِلَتِ الْأُخْرَى. وَأَمَّا سَارَةُ فَأَسْلَمَتْ وَعَاشَتْ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: بَلْ قُتِلَتْ. وَذَكَرَ أَبُو مَعْشَرٍ فِيمَنْ أَهْدَرَ دَمَهُ الْحَارِثَ بْنَ طَلَاطِلَ الْخُزَاعِيَّ قَتَلَهُ عَلِيٌّ. وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ فَرْتَنَى هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَأَنَّ قَرِينَةَ قُتِلَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute