للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ … أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

٤٣١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قِيلَ لِلْبَرَاءِ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا النَّبِيُّ فَلَا، كَانُوا رُمَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ :

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ … أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

٤٣١٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ "وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ لَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْكَشَفُوا فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِب".

قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ "نَزَلَ النَّبِيُّ عَنْ بَغْلَتِه".

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَكَذَا هُوَ مَنْسُوبٌ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ.

قَوْلُهُ: (ضَرْبَةً) زَادَ أَحْمَدُ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ ضَرْبَةً عَلَى سَاعِدِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ.

قَوْلُهُ: (شَهِدْتُ حُنَيْنًا قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ قَالَ: نَعَمْ وَقَبْلَ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِمَا قَبْلَ ذَلِكَ حُنَيْنٍ مِنَ الْمَشَاهِدِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الْحُدَيْبِيَةُ فِيمَا ذَكَرَهُ مَنْ صَنَّفَ فِي الرِّجَالِ، وَوَقَفْتُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ أَنَّهُ شَهِدَ الْخَنْدَقَ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ ابْنُ صَحَابِيٍّ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ الْبَرَاءِ

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ، وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ، وَهُوَ الثَّوْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ.

قَوْلُهُ: (وَجَاءَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفُ عَلَى اسْمِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ مِنْ قَيْسٍ.

قَوْلُهُ: (يَا أَبَا عُمَارَةَ) هِيَ كُنْيَةُ الْبَرَاءِ.

قَوْلُهُ: (أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَتَوَلَّيْتَ أَيِ انْهَزَمْتَ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَفِي الثَّالِثَةِ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَكُلُّهَا بِمَعْنًى.

قَوْلُهُ: (أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ) تَضَمَّنَ جَوَابُ الْبَرَاءِ إِثْبَاتَ الْفِرَارِ لَهُمْ، لَكِنْ لَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْمِيمِ، وَأَرَادَ أَنَّ إِطْلَاقَ السَّائِلِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ حَتَّى النَّبِيِّ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِحَمْلِ الْمَعِيَّةِ عَلَى مَا قَبْلَ الْهَزِيمَةِ فَبَادَرَ إِلَى اسْتِثْنَائِهِ ثُمَّ أَوْضَحَ ذَلِكَ، وَخَتَمَ حَدِيثَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ مِنْهُ .

قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْجَوَابُ مِنْ بَدِيعِ الْأَدَبِ، لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ فَرَرْتُمْ كُلُّكُمْ، فَيَدْخُلُ فِيهِمُ النَّبِيُّ ، فَقَالَ الْبَرَاءُ: لَا وَاللَّهِ مَا فَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَكِنْ جَرَى كَيْتَ وَكَيْتَ، فَأَوْضَحَ أَنَّ فِرَارَ مَنْ فَرَّ لَمْ يَكُنْ عَلَى نِيَّةِ الِاسْتِمْرَارِ فِي الْفِرَارِ، وَإِنَّمَا انْكَشَفُوا مِنْ وَقْعِ السِّهَامِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ. وَقَدْ ظَهَرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْجَمِيعَ لَمْ يَفِرُّوا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَرَاءَ فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ وَمَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ مُنْهَزِمًا فَلِذَلِكَ حَلَفَ: النَّبِيّ لَمْ يُوَلِّ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُنْهَزِمًا حَالٌ مِنْ سَلَمَةَ، وَلِهَذَا وَقَعَ فِي