مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا. يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَالْحَقْ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَأَرْضُ الْأَنْبِيَاءِ، فَغَزَا تَبُوكَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الشَّامَ، فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ الْآيَةَ انْتَهَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَعَ كَوْنِهِ مُرْسَلًا.
قَوْلُهُ: (أَسْأَلُهُ الْحُمْلَانَ لَهُمْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيِ الشَّيْءَ الَّذِي يَرْكَبُونَ عَلَيْهِ وَيَحْمِلُهُمْ.
قَوْلُهُ: ﴿لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: وَجَاءَ نَفَرٌ كُلُّهُمْ مُعْسِرٌ يَسْتَحْمِلُونَهُ لَا يُحِبُّونَ التَّخَلُّفَ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ. قَالَ: وَمِنْ هَؤُلَاءِ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمِنْ بَنِي مُزَيْنَةَ وَفِي مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ الْبَكَّائِينَ سَبْعَةُ نَفَرٍ (١): سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو لَيْلَى بْنُ كَعْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحِمَامِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَقِيلَ ابْنُ غَنْمَةَ، وَعُلَيَّةُ بْنُ زَيْدٍ، وَهَرَمِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ. قَالَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا يَاسِرٍ الْيَهُودِيَّ وَقِيلَ: ابْنُ يَامِينَ - جَهَّزَ أَبَا لَيْلَى، وَابْنَ مُغَفَّلٍ، وَقِيلَ: كَانَ فِي الْبَكَّائِينَ بَنُو مُقَرِّنٍ السَّبْعَةُ مَعْقِلٌ وَإِخْوَتُهُ.
قَوْلُهُ: (خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ) أَيِ الْجَمَلَيْنِ الْمَشْدُودَيْنِ، أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ، وَقِيلَ: النَّظِيرَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي: هَاتَيْنِ الْقَرِينَتَيْنِ أَيِ النَّاقَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ فِي قُدُومِ الْأَشْعَرِيِّينَ أَنَّهُ ﷺ أَمَرَ لَهُمْ بِخَمْسِ ذَوْدٍ وَقَالَ: هَذَا بِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ، فَإِمَّا تَعَدَّدَتِ الْقِصَّةُ أَوْ زَادَهُمْ عَلَى الْخَمْسِ وَاحِدًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَاتَيْنِ الْقَرِينَتَيْنِ وَهَاتَيْنِ الْقَرِينَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنَ الرَّاوِي أَوْ كَانَتِ الْأُولَى اثْنَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ الْقَرِينَ يَصْدُقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا: هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ فَذَكَّرَ ثُمَّ أَنَّثَ فَالْأُولَى عَلَى إِرَادَةِ الْبَعِيرِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى إِرَادَةِ الِاخْتِصَاصِ لَا عَلَى الْوَصْفِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (ابْتَاعَهُنَّ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: ابْتَاعَهُمْ وَكَذَا انْطَلَقَ بِهِنَّ فِي رِوَايَتِهِ: بِهِمْ وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعَ مَا لَا يَعْقِلُ.
قَوْلُهُ: (حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ لِي مَنْ هُوَ سَعْدٌ إِلَى الْآنَ، إِلَّا أَنَّهُ يَهْجِسُ فِي خَاطِرِي أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ حِنْثِ الْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ إِذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، وَانْعِقَادُ الْيَمِينِ فِي الْغَضَبِ، وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ بَقِيَّةَ فَوَائِدِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤٤١٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ: أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ:، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ مُصْعَبًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَالْحَكَمُ هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ.
قَوْلُهُ: (بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مُرْسَلًا عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ اخْلُفْنِي فِي أَهْلِي، وَاضْرِبْ وَخُذْ وَعِظْ. ثُمَّ دَعَا نِسَاءَهُ فَقَالَ: اسْمَعْنَ لِعَلِيٍّ وَأَطِعْنَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ إِلَخْ) أَرَادَ بَيَانَ التَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبٍ، وَطَرِيقُ أَبِي دَاوُدَ هَذِهِ وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ وَصَلَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِهِ.
٤٤١٧ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُخْبِرُ قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْعُسْرَةَ قَالَ: كَانَ يَعْلَى يَقُولُ: تِلْكَ
(١) المعدود ثمانية