للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَإِنْ كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ فَلَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى كَسَرْتُهُ لِطُولِهِ، أَوْ لِإِزَالَةِ الْمَكَانِ الَّذِي تَسَوَّكَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَيَّنْتُهُ ثُمَّ طَيَّبْتُهُ) أَيْ بِالْمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ: طَيَّبْتُهُ تَأْكِيدًا لِلَيَّنْتُهُ، وَسَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَدْخَلْتُهُ فِي فِيهِ فَاشْتَدَّ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَمَلُ بِالْإِشَارَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَقُوَّةُ فِطْنَةِ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ: (وَنَفَضْتُهُ) بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَوْلُهُ: (فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ) أَيْ مِنَ السِّوَاكِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ وَرَأْسُهُ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي) وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ: تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَإِنَّ اللَّهَ جَمَعَ رِيقِي وَرِيقَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالْحَاقِنَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ: مَا سَفَلَ مِنَ الذَّقَنِ، وَالذَّاقِنَةُ مَا عَلَا مِنْهُ. أَوِ الْحَاقِنَةُ: نُقْرَةُ التَّرْقُوَةِ، هُمَا حَاقِنَتَانِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْحَاقِنَةَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ التَّرْقُوَةِ وَالْحَلْقِ. وَقِيلَ: مَا دُونَ التَّرْقُوَةِ مِنَ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هِيَ تَحْتَ السُّرَّةِ. وَقَالَ ثَابِتٌ: الذَّاقِنَةُ طَرَفُ الْحُلْقُومِ: وَالسَّحْرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الصَّدْرُ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الرِّئَةُ. وَالنَّحْرُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَوْضِعُ النَّحْرِ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: هُوَ مَا بَيْنَ الثَّدْيَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا بَيْنَ الْحَاقِنَةِ وَالذَّاقِنَةِ هُوَ مَا بَيْنَ السَّحْرِ وَالنَّحْرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ وَرَأْسُهُ بَيْنَ حَنَكِهَا وَصَدْرِهَا وَرَضِيَ عَنْهَا.

وَهَذَا لَا يُغَايِرُ حَدِيثَهَا الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَنَّ رَأْسَهُ كَانَ عَلَى فَخِذِهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا رَفَعَتْهُ مِنْ فَخِذِهَا إِلَى صَدْرِهَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ سَعْدٍ مِنْ طُرُقٍ: أَنَّ النَّبِيَّ مَاتَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَكُلُّ طَرِيقٍ مِنْهَا لَا يَخْلُو مِنْ شِيعِيٍّ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ رَأَيْتُ بَيَانَ حَالِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ التَّعَصُّبِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ذِكْرُ مَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَسَاقَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: سَأَلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، عَلِيًّا مَا كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ؟ فَقَالَ: أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ. فَقَالَ كَعْبٌ: كَذَلِكَ آخِرُ عَهْدِ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي سَنَدِهِ الْوَاقِدِيُّ، وَحَرَمُ بْنُ عُثْمَانَ وَهُمَا مَتْرُوكَانِ. وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي مَرَضِهِ: ادْعُوا إِلَيَّ أَخِي، فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَنِدًا إِلَيَّ وَإِنَّهُ لِيُكَلِّمُنِي حَتَّى نَزَلَ بِهِ، وَثَقُلَ فِي حِجْرِي فَصِحْتُ: يَا عَبَّاسُ أَدْرِكْنِي فإِنِّي هَالِكٌ، فَجَاءَ الْعَبَّاسُ، فَكَانَ جَهْدُهُمَا جَمِيعًا أَنْ أَضْجَعَاهُ. فِيهِ انْقِطَاعٌ مَعَ الْوَاقِدِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ فِيهِ لِينٌ.

وَبِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فِيهِ انْقِطَاعٌ. وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَاتَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ. فِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَالِانْقِطَاعُ، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ تُوُفِّيَ وَإِنَّهُ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَخِي الْفَضْلُ، وَأَبَى أَبِي أَنْ يَحْضُرَ. فِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَسُلَيْمَانُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَأَبُو غَطَفَانَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ اسْمُهُ سَعْدٌ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ طَرِيقِ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي فَسَالَتْ نَفْسُهُ. وَحَبَّةُ ضَعِيفٌ. وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: عَلِيٌّ آخِرُهُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ وَالْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا، وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ آخِرَ الرِّجَالِ بِهِ عَهْدًا. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ آخِرَهُمْ عَهْدًا بِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى مَالَ فَلَمَّا مَالَ ظَنَّ أَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّهَ فَأَسْنَدَتْهُ عَائِشَةُ بَعْدَهُ إِلَى صَدْرِهَا فَقُبِضَ.

وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ