للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ عِنْدَهُ فِي الصَّغِيرِ، وَفِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ غَالِبًا لَكِنْ يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا عَلَى أَنَّ لِذَلِكَ أَصْلًا، وَيَحْتَمِلُ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ وَقَعَ لِأَفْرَادٍ مِنْهُمْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِزَمَانٍ كَمَا فِي خَصْلَةِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ وَالسَّنَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانِ رَفَعَهُ فِي حَدِيثِ بِأَوَّلِهِ: إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِ أَنْفُسِهِمْ، وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكِ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكَ بَعْضًا، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادٍ نَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

فَلَمَّا كَانَ تَسْلِيطُ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ لَكِنَّهُ لَا يَقَعُ عُمُومًا فَكَذَلِكَ الْخَسْفُ وَالْقَذْفُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعُ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ﴾ الْآيَةَ، سَأَلَ النَّبِيُّ رَبَّهُ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ سَأَلْتَ رَبَّكَ أَرْبَعًا فَأَعْطَاكَ اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَكَ اثْنَتَيْنِ: أَنْ يَأْتِيهِمْ عَذَابٌ مِنْ فَوْقِهِمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فَيَسْتَأْصِلُهُمْ كَمَا اسْتَأْصَلَ الْأُمَمَ الَّذِينَ كَذَّبُوا أَنْبِيَاءَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يَلْبِسُهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقُ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، وَهَذَانِ عَذَابَانِ لِأَهْلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابِ وَالتَّصْدِيقِ بِالْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى. وَكَأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَانِ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ الْحَسَنِ.

وَقَدْ وَرَدَتِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ خِصَالٍ أُخْرَى: مِنْهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مَرْفُوعًا: سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَرْبَعًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي اثْنَتَيْنِ: سَأَلْتُهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْغَرَقَ مِنَ الْأَرْضِ فَرَفَعَهُمَا، الْحَدِيثَ، وَمِنْهَا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا، وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ نَحْوَهُ لَكِنْ بِلَفْظِ أَنْ لَا يَهْلِكُوا جُوعًا وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَيْضًا الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ، فَإِنَّ الْغَرَقَ وَالْجُوعَ قَدْ يَقَعُ لِبَعْضِ دُونَ بَعْضٍ، لَكِنِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ الْأَمَانُ أَنْ يَقَعَ عَامَّا، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ: وَأَنْ لَا يُهْلِكَنَا بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَنَا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ بِالْبَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ نَحْوَهُ، لَكِنْ قَالَ بَدَلَ خَصْلَةِ الْإِهْلَاكِ: أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَكَذَا لِلطَّبَرِيِّ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ، وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَرْبَعًا فَأَعْطَانِي ثَلَاثًا وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُكَفِّرَ أُمَّتِي جُمْلَةً فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ بِمَا عُذِّبَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ

فَمَنَعَنِيهَا، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ مُرْسَلًا نَحْوَهُ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ بِمَا عَذَّبَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ الْغَرَقُ كَقَوْمِ نُوحٍ وَفِرْعَوْنَ، وَالْهَلَاكُ بِالرِّيحِ كَعَادٍ، وَالْخَسْفُ كَقَوْمِ لُوطٍ وَقَارُونَ، وَالصَّيْحَةُ كَثَمُودَ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ، وَالرَّجْمُ كَأَصْحَابِ الْفِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عُذِّبَتْ بِهِ الْأُمَمُ عُمُومًا. وَإِذَا جَمَعْتَ الْخِصَالَ الْمُسْتَعَاذُ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي سُقْتُهَا بَلَغَتْ نَحْو الْعَشَرَةِ. وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ أَيْضًا أَنَّهُ سَأَلَ رَفْعَ الْخَصْلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَأُخْبِرَ بِأَنْ ذَلِكَ قَدْ قُدِّرَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَأَمَّا مَا زَادَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَ لَيْسَ هَذَا قَالَ وَلَوِ اسْتَعَاذَهُ لَأَعَاذَهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ جَابِرًا لَمْ يَسْمَعْ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ وَحَفِظَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُ وَلَوِ اسْتَعَاذَهُ إِلَخْ بَعْضَ رُوَاتِهِ دُونَ جَابِرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.