للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَتَقَاعَسَ، ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾ نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾، ﴿مِنْ جِنَّةٍ﴾ مِنْ جُنُونٍ، ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ مَتَى

خُرُوجُهَا، ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ، ﴿يَنْزَغَنَّكَ﴾ يَسْتَخِفَّنَّكَ، طَيْفٌ مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ، يُقَالُ ﴿طَائِفٌ﴾ وَهُوَ وَاحِدٌ، ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾ يُزَيِّنُونَ، ﴿وَخِيفَةً﴾ خَوْفًا، ﴿وَخُفْيَةً﴾ مِنْ الْإِخْفَاءِ، وَالْآصَالُ: وَاحِدُهَا أَصِيلٌ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ كَقَوْلِهِ: ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلا﴾

قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْأَعْرَافِ) اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْأَعْرَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ فَقَالَ. . . (١) وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ هُمْ مَلَائِكَةٌ وُكِّلُوا بِالصُّورِ لِيُمَيِّزُوا الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْسُوا ذُكُورًا وَلَا إِنَاثًا فَلَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي حَقِّ الْجِنِّ: ﴿الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، لِأَنَّ الْجِنَّ يَتَوَالَدُونَ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ فِيهِمُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ.

قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَرِيشًا﴾ الْمَالُ) وَصَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (وَرِيَاشًا) قَالَ: مَالًا، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ فَرَّقَهُمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَرِيشًا﴾ قَالَ الْمَالُ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرِّيَاشُ اللِّبَاسُ وَالْعَيْشُ وَالنَّعِيمُ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْبَدِ الْجُهَنِيِّ قَالَ: الرِّيَاشُ الْمَعَاشُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرِّيَاشُ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ وَالسِّتَارَةِ، وَالرِّيَاشُ أَيْضًا الْخِصْبُ فِي الْمَعَاشِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.

(تَنْبِيهٌ)

قَرَأَ (وَرِيَاشًا) عَاصِمٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْبَاقُونَ ﴿وَرِيشًا﴾.

قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ فِي الدُّعَاءِ) زَادَ أَبُو ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَفِي غَيْرِهِ وَعِنْدَ النَّسَفِيِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَكَذَا أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ جَاءَ نَحْوَ هَذَا مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنًا لَهُ يَدْعُو فَقَالَ: إِنَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ Object يَقُولُ: إِنَّهُ سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنًا لَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ وَقَرَأَ الْآيَةَ. وَالِاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ يَقَعُ بِزِيَادَةِ الرَّفْعِ فَوْقَ الْحَاجَةِ أَوْ بِطَلَبِ مَا يَسْتَحِيلُ حُصُولُهُ شَرْعًا أَوْ بِطَلَبِ مَعْصِيَةٍ أَوْ يَدْعُو بِمَا لَمْ يُؤْثَرْ، خُصُوصًا مَا وَرَدَتْ كَرَاهَتُهُ كَالسَّجْعِ الْمُتَكَلَّفِ وَتَرْكِ الْمَأْمُورِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: ﴿نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾ رَفَعْنَا، انْبَجَسَتِ: انْفَجَرَتْ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُمَا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.

قَوْلُهُ: (مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ، يَقُولُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَالَّذِي قَبْلَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا مَنَعَكَ إِلَخْ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ هَذَا كَلَامَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ الْمَنْعَ هُنَا بِمَعْنَى الْقَوْلِ، وَالتَّقْدِيرُ مَنْ قَالَ لَكَ أَلا تَسْجُدَ. قَالَ: وَأُدْخِلَتْ أَنْ قَبْلَ لَا كَمَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِمْ نَادَيْتُ أَنْ لَا تَقُمْ، وَحَلَفْتُ أَنْ لَا تَجْلِسَ. ثُمَّ اخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ فِي هَذَا الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ: مَا مَنَعَكَ مِنَ السُّجُودِ وَحَمَلَكَ عَلَى أَلا تَسْجُدَ؟ قَالَ: وَإِنَّمَا حُذِفَ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: ﴿يَخْصِفَانِ﴾ أَخَذَا الْخِصَافُ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ يَخْصِفَانِ الْوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ) كَذَا لِأَبِي عُبَيْدَةَ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَطَفِقَا


(١) بياض بالأصل